الجمعة، 5 أبريل 2013

الناس على دين ملوكهم


قال أسامة بن معقل: " كان السفاح راغباً في الخطب والرسائل يصطنع أهلها ويثيبهم عليها، فحفظت ألف رسالة وألف خطبة طلباً للحظوة عنده فنلتها، وكان المنصور بعده معنياً بالأسمار والأخبار وأيام العرب يدني أهلها ويجزيهم عليها، فلم يبق شيء من الأسمار والأخبار إلا حفظته طلباً للقربة منه فظفرت بها، وكان موسى مغرماً بالشعر يستخلص أهله، فما تركت بيتاً نادراً، ولا شعراً فاخراً، ولا نسيباً سائراً، إلا حفظته؛ وأعانني على ذلك طلب الهمة في علو الحال، ولم أر شيئاً أدعى إلى تعلم الآداب من رغبة الملوك في أهلها وصلاتهم عليها، ثم زهد هارون في هذه الأربعة فأنسيتها حتى كأني لم أحفظ منها شيئاً".

وكان للصاحب بن عباد مجلس للشعر لا يغشاه إلا من حفظ عشرين ألف بيت من شعر العرب، ومع ذلك الشرط القاسي كان يجتمع على سماطه كل يوم ألف من رجالات الأدب والعلم والكلام. وبنى داراً فاجتمع له من قصائد التهنئة عليها ديوان شعر ضخم.

ونفق برذون لأديب من أدباء مجلسه فرثاه شعراء الحضرة بخمسين قصيدة، وقد ذكرت بذلك (مكسويني) حصان الدكتور محجوب ثابت، فإنه حين نفق من الهزال لم يظفر من شعراء مصر على كثرة ما ركبوه بالمزاح والهزل إلا بقصيدة واحدة لشوقي.

وكان للمعتضد عباد دار خاصة للشعراء ينزلونها على الرحب والسعة؛ فإذا جاء يوم الشعر وهو يوم الاثنين من كل أسبوع دخلوا عليه فلا يقابل غيرهم ولا يسمع إلا شعرهم. ولقد بلغ من عنايته بهم ورعايته لأدبهم أن جعل لهم رئيساً يرجعون إليه، ونظاماً يرتبون عليه، وسجلاً يحصون فيه.

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق