الجمعة، 26 فبراير 2016

شئون وشجون (7)



أحداث تموج بالعالم، نظريات تسقط وأخرى تولد، وهذا يقيم التاريخ وذاك يفلسف الأحداث، تجد الحكمة أحيانا والتهور أحايين أخرى.. ومن بين هذا الحراك الضخم تبرز تحليلات راقية وأفكار جوهرية آثرت أن أجمعها في عقد فريد، حباته أشبه بمحطات نحتاج أن نقف عندها كثيرا لنستقي منها العبرة ويتولد عندها الهدف .. إنه العالم الغريب الذي أتعب البشر وأتعبوه معهم، فهل من معتبر، وهل من مستفيد.
                                      
·       ساعة عدل
سرعان ما خالف المسلمون وصية نبيهم، وأصبح القتل من أهون الأشياء عندهم، فما أسرع أن يقول الظالم الطاغية: (يا غلام اضرب عنفه) أو (ائت بالنطع) ظلما وعدوانا دون قضاء ولا شريعة.
وسرعان ما صودرت الأموال، واعتدي على بيت مال المسلمين، واتخذ الحكام عباد الله خولا ومال الله دولا، ولم يعد بيت المال للأمة كلها كما كان زمن الراشدين، ولم يعد هذا التلاحم بين الرعية والراعي وبين الأمة والدولة، وهذا ما جعل الإمام الطرطوشي يتأسف ويقول: (ومعظم ما أهلك بلاد الأندلس وسلط عليها الروم، أن الروم التي كانت تجاورهم لم يكن لها بيوت أموال، وكانوا يدخلون الكنيسة فيقسمها سلطانهم على رجاله بالطاس، ويأخذ مثل ما يأخذون وقد لا يأخذ منها شيئا، وإنما يصطنعون بها الرجال وكانت سلاطيننا تحتجز الأموال وتضيع الرجال، وكان للروم رجال، وللمسلمين بيوت أموال، فبهذه الخلة قهرونا وظهروا علينا) [سراج الملوك:373]
ألم يقل الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز: لو أقمت فيكم خمسين عاما ما استكملت فيكم العدل.
وعندما حاول أقاربه الحديث معه عن الأموال قال لهم: إن الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم رحمة ولم يبعثه عذابا، واختار له ما عنده، فترك لهم نهرا شربهم سواء، ثم قام أبو بكر فترك النهر على حاله، ثم عمر فعمل عمل صاحبه، ثم لم يزل النهر يشتق منه يزيد ومروان وعبد الملك والوليد وسليمان، وقد يبس النهر الأعظم، ولن يروي أهله حتى يعود إلى ما كان عليه.
إن ساعة عدل تساوي عشرات بل مئات السنين من الظلم، وما تردت الأمة إلا بفشو هذه المظالم بينهم، فأصبحت أمة منكسرة ذليلة.
وقفات تربوية في فقه السيرة
د. محمد العبدة، دار الصفوة، القاهرة ص231-132

·       مراعاة السنن الإلهية
يقول ابن القيم – في زاد الميعاد- تعليقا على أن صلح الحديبية كان توطئة للفتح الأكبر: «وهذا شأنه سبحانه أن يُقدِّم بين يدي الأُمور العظيمة مقدِّماتٍ تكونُ كالمدخل إليها، المنبهة عليها، كما قدَّم بين يدي قصة المسيح وخلقه مِن غير أب، قِصة زكريا، وخلقِ الولد له مع كونه كبيراً لا يُولد لمثله، وكما قدَّم بين يدي نسخ القِبْلة قصةَ البيت وبنائه وتعظيمه، والتنويه بِه، وذِكْر بانيه، وتعظِيمهِ، ومدحه، ووطأ قبل ذلك كُلِّه بذكر النسخ، وحكمته المقتضية له، وقُدرته الشاملة له، وهكذا ما قدَّم بين يدي مبعث رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، من قصة الفيل، وبِشارات الكُهَّان به، وغير ذلك، وكذلك الرُّؤيا الصالحة لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كانت مقدِّمةً بين يدي الوحي في اليقظة، وكذلك الهِجرة كانت مقدِّمةً بين يدي الأمر بالجهاد، ومَن تأمل أسرار الشرع والقدر، رأى من ذلك ما تَبْهَرُ حِكمتُه الألبابَ»
إن على الدعاة والقائمين بأمر الإسلام في كل عصر مراعاة هذه السنن الإلهية، والتمهيد للأمور العظيمة حتى تأتي على قدر، وإن الذين يظنون أن أمرا كبيرا مثل استئناف حياة إسلامية، ودولة إسلامية تطبق شرع الله، يأتي فجأة دون ممهدات وأعمال كبيرة تتناسب مع ما سيأتي، من يظن هذا فإنه مخطئ قد فاته الصواب، وعندما أراد الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز إعادة الأمور إلى نصابها، وإعادة الحقوق إلى أهلها، لم يستطع تطبيق ذلك دفعة، بل كان يمهد للأمر، فيقدم للناس شيئا ويأخذ منهم أشياء حتى استقاموا، يقول رحمه الله: «ألا وإني أعالج أمرا لا يعنينني عليه إلا الله، قد فني عليه الكبير، وكبر عليه الصغير، وفصح عليه الأعجمي، وهاجر عليه الأعرابي، حتى حسبوه دينا لا يرون الحق غيره».
وقفات تربوية في فقه السيرة
د. محمد العبدة، دار الصفوة، القاهرة ص181-182

·       إجلاء أهل الذمة
كان من شروط رسول الله صلى الله عليه وسلم ليهود خيبر أن للمسلمين الحق في إخراجهم من أرضهم متى شاؤوا، قال ابن القيم تعليقا: ومنها جواز إجلاء أهل الذمة من دار الإسلام إذا استغني عنهم، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (نقركم ما أقركم الله)، وأجلاهم عمر بعد موته صلى الله عليه وسلم، وهذا مذهب محمد بن جرير الطبري، وهو قول قوي يسوغ العمل به إذا رأى الإمام فيه مصلحة.
وهذا استنباط جيد من ابن القيم رحمه الله، وأظن أن قوله (إذا استغنى عنهم) يقصد به: إذا استغنى عن إقامتهم بين ظهراني المسلمين لما يخشى من قيامهم بالتجسس على المسلمين، أو تشويش الصف الإسلامي، أو خفر للعهد، وتوقع الأذى منهم، وإن أحداث التاريخ الإسلامي لتؤكد صحة كلام ابن جرير رحمه الله، وصحة تأييد ابن القيم له، فقد عاش اليهود والنصارى تحت حكم المسلمين منذ أن تم الفتح الإسلامي لأكثر العالم المتمدن يومها، ولم ينغص أحد معاشهم، ولم يتعرضوا لأذى لا من قبل الشعب ولا من قبل الحكومات، والدليل على هذا استمرارهم في بلاد الشام والعراق ومصر، وغيرها من الأقطار، ولو ضيق عليهم في هذه البلاد لهاجروا إلى بلاد أخرى، ومع ذلك عندما لاحت لهم الفرصة للشماتة بالمسلمين وإهانتهم لم يتركوها، كما قال المؤرخ ابن كثير واصفا أحداث عام 658هـ، بعد استيلاء التتار على البلاد الإسلامية: ( أرسل هولاكو وهو في حلب جيشا لأخذ دمشق، فأخذوها سريعا واستلم البلد أمير التتار، وكان لعنه الله معظما لدين النصارى، فاجتمع به أساقفتهم وقساوستهم، فعظمهم جدا وزار كنائسهم، فصارت لهم دولة وصولة بسببه، وذهب طائفة من النصارى إلى هولاكو ومعهم أمان من جهته، ودخلوا من باب توما، ومعهم صليب منصوب وينادون بشعارهم ويذمون دين الإسلام ومعهم أوان فيها خمر، لا يمرون على باب مسجد إلا رشوا عنده خمرا، ويأمرون كل من يجتازون به في الأزقة والأسواق أن يقوم لصليبهم، وكان في نيتهم إن طالت مدة التتار أن يخربوا كثيرا من المساجد ).
وفي بداية الدولة العثمانية وفي أوج قوتها كان في نية السلطان سليم –كم يقال- بأن يجلي النصارى عن بلاد المسلمين بسبب تخوفه من اتصالهم بالدول الأخرى وتشويشهم على الدولة، ولكن مفتي الدولة العثمانية (زنبيلي على أفندي) منعه بكل قوة، وقال له: (إن هؤلاء ذمة، ولا يحق لك إخراجهم) هذا مع سطوة السلطان سليم وجبروته.
يقول الأمير شكيب أرسلان معقبا: ( فأما قضية حمل النصارى الذين في المملكة على قبول الإسلام أو الرحيل منها، فهو مروي بالتواتر وفي الكتب أيضا، فيكون قد ثبت أن الشريعة الإسلامية بعدالتها وأمانتها هي التي حفظت المسيحيين في السلطنة العثمانية أيام كان السلطان يقدر أن ينفذ جميع ما يريده بهم، ومن العجيب أننا نرى نصارى الدولة العثمانية يفضلون أن تكون الحكومات الإسلامية ملحدة ولو كانت تخرج جميع النصارى من بلادها، وهذا أقصى ما يتصوره العقل من التحامل والتعصب على الإسلام، يكرهونه ولو حفظهم، ويحبون زواله ولو كان في ذلك زوالهم ).
وقد حصل للنصارى امتيازات في أواخر عهد الدولة بسبب ضغوط الدول الأوروبية، ومع ذلك لم يشكروا هذه النعمة ولم يراعوا خلق الوفاء، وعندما لاحت لهم فرصة الانتقام منها وإيذائها، لم يقصروا ولم يتوانوا، وكان نصارى لبنان وسورية من أوائل من أثار فكرة القومية العربية لمحاربة العثمانيين، والتحق كثير منهم بمصر وأسسوا صحفا ومجلات لمعارضة الدولة، بل لمعارضة الإسلام، وتركت لهم الحرية في ذلك، فهذا مؤسس الأهرام بشارة تقلا يقسم لأحمد عرابي الذي ثار على الإنجليز –يقسم له- أنه واحد من الوطنيين المخلصين، وأنه يعمل لحرية البلاد، فلما قبض على عرابي، دخل عليه وتوقح عليه أشد التوقح، ثم بصق في وجهه شامتا، قال عرابي: (فرأيت أن الرجل خائن ولا شرف له)
إن أمثال هؤلاء الذين عاشوا هانئين بعقد الذمة قد نقضوا العهد مرات ومرات ويستحقون أن يفتي فيهم أمثال ابن جرير الطبري وابن قيم الجوزية    
وقفات تربوية في فقه السيرة
د. محمد العبدة، دار الصفوة، القاهرة ص173-176

جمع وترتيب

 د/ خالد سعد النجار

alnaggar66@hotmail.com


شئون وشجون (6)


أحداث تموج بالعالم، نظريات تسقط وأخرى تولد، وهذا يقيم التاريخ وذاك يفلسف الأحداث، تجد الحكمة أحيانا والتهور أحايين أخرى.. ومن بين هذا الحراك الضخم تبرز تحليلات راقية وأفكار جوهرية آثرت أن أجمعها في عقد فريد، حباته أشبه بمحطات نحتاج أن نقف عندها كثيرا لنستقي منها العبرة ويتولد عندها الهدف .. إنه العالم الغريب الذي أتعب البشر وأتعبوه معهم، فهل من معتبر، وهل من مستفيد.

·       تاريخ الولايات المتحدة
تاريخ الولايات المتحدة في القرن التاسع عشر هو في الأساس تاريخ القضاء على الهنود من عام 1800م حتى عام 1835، أبعدت تلك القبائل لما وراء الميسيسيبي عبر ظروف انتقال وإقامة تعد أحلك صفحة في التاريخ، وتفوق سوء الحال الذي أحدثه التهجير الهتلري، وبعد عام 1840 وإنشاء ومد السكك الحديدية، أجبر الهنود على ترك آخر أراضيهم ليستقروا في المعازل المشابهة للحظائر الحيوانية. وأدى هذا الصراع إلى موت الملايين، لأن المقاومة المسلحة للهنود لم تنته إلا بذبح زعمائهم
  بل هي حرب على الإسلام
د. محمد عباس، نشر مكتبة مدبولي بالقاهرة ص130

·       الهجوم العلني والتآمر الخفي على الأمة الإسلامية
لقد عاش الشباب العربي المسلم، وهو يلقن أن إسرائيل كيان طفيلي دخيل قام على الاغتصاب والعدوان، وأن تحرير أرض الإسلام من هذه الجرثومة الغريبة في جسم الأمة المسلمة فريضة دينية وقومية، وأن لا حق لدولة إسرائيل في البقاء على أرض ليست لها، وكما قال مفتي فلسطين الأكبر الحاج أمين الحسيني رحمه الله: «إن فلسطين ليست بلدا بغير شعب حتى تستقبل شعبا بغير بلد!»
ثم دار الفلك دورته فكانت كارثة 1967م وإذا بالسياسة العربية تتخذ مسارا جديدا كل همه وغايته ليس أكثر من «إزالة آثار العدوان» أي: الاعتراف بإسرائيل، وبكل ما عدت عليه قبل 5 حزيران (يونية) 1967م، ومعنى هذا: أن العدوان الجديد قد أضفى الشرعية على العدوان القديم!
فلماذا كانت حرب 1948م؟ ولماذا كانت حرب 1956م؟ ولماذا كانت حرب 1967م؟
لماذا لم تسلموا لإسرائيل منذ التقسيم، وتريحوا الأمة من أعباء الحرب وخسائرها وويلاتها؟
وجاء السعي وراء ما سمي «الحل السلمي» ومعاهدات السلام مخيبا للآمال، ومحبطا لكل ما كان عند الشباب من توثب وطموح –ومهما برره من برره- بضرورات واعتبارات عسكرية أو سياسية محلية أو دولية، فقد كان ذلك صدمة شديدة العنف لأنفس الشباب المسلم وآماله.
وزاد من وقع الصدمة على نفسه أن القوى العالمية الكبرى كلها تؤيد بقاء إسرائيل، مع وضوح حقنا نحن العرب والمسلمين، إنها الصليبية في شكل جديد، هكذا يفكر الشباب ويشعرون، والواقع يؤيدهم.
الصحوة الإسلامية بين الجحود والتطرف
د. يوسف القرضاوي، كتاب الأمة، ص 117-118

·       اختيار الموظفين
يقول الشيخ على الطنطاوي بعد سرد شروط اختيار الموظف الكفء: هذا هو الأصل في تعيين الموظفين، يختار الأصلح للعمل، والأقدر عليه وهو مقيم في بيته، ويحتال عليه بالإقناع وبالتهديد حتى يقبل مكرها فانتهى الأمر عندنا إلى ما يعلمه الناس كلهم، وأصبحت تعرض المائة من الموظفين فلا تكاد تجد اثنين من أهل الكفاءات، وإنما تجد من أدخلته الوظيفة شفاعة شفيع، أو جاه سلطان، وخير شفيع اليوم «شفيع النواب» وخير وسيط الأصفر الرنان أو غير ذلك مما يعلم ولا يقال، وما في قلب كل قارئ منه غصة، وما يحفظ منه كل قارئ حوادث وأخبار.  
فكر ومباحث
علي الطنطاوي، دار ابن حزم ص 85
·        العلم الذي لا ينفع
ذكر علماء الجداول الرياضية أن العالم بدأ يستنزف خيراته ويتحول إلى نفايات، وأصبح العلم يستخدم في زمن الحرب لتسميمنا، وفي زمن السلم ليجعل حياتنا قلقة مرهقة كما يقول «أينشتين»
   «خواطر في السياسة»
د. محمد العبدة، دار الصفوة ص 19

·       بعض أسباب الضعف الأخلاقي
عن أسباب البعد عن الأخلاق الإسلامية، وبروز الأنانية والحسد والبخل والذل في كثير من الأفراد وبعض المجتمعات إن أسباب ذلك كثيرة من ثقافية واجتماعية واقتصادية وسأتحدث هنا عن سببين رئيسيين:
1- الاستبداد الذي ران طويلا على الأمة، فجعلها تعيش حياة الخوف وعدم الاستقرار، ففي مثل هذه الأحوال يلجأ الناس إلى المراوغة والخديعة والرشوة، وربما يعتبرون هذا صداً للأذى، أو للحصول على بعض حقوقهم المسلوبة، فالاستبداد يكون معه البطش والمصادرات المالية، والضرائب الباهظة، فلا يبقى عند الناس أما في نتائج أعمالهم، وعادة ما يشكل حول الحاكم بطانة تجيد التملق والخيانة والمؤامرات، وهمها الوحيد هو الثراء دون عناء.
إن الناس عندما يخضعون لإدارة ظالمة يكون ذلك بداية الخراب، لأنه بفقدان الحرية تذهب الآمال وتبطل الأعمال، وتموت النفوس وتكسل، فالاستبداد يفسد كل شيء.
2- قلة العلماء الربانيين الذين يحيون الإيمان في القلوب ويهزون الناس ويزعجونهم بقوارع الخوف والرجاء وتذكر الآخرة وربط الأخلاق بالدين، فلا انفصال بين العبادة والأخلاق ولا انفصال بين العقيدة والأخلاق. ويجابهون الباطل والاستبداد. وكذلك قلة الوعظ الديني الصادق الصادر من القلب والذي يبني على علم الشريعة ومقاصدها، وعلم بالتوحيد والفقه، وحتى لا ندور في حلقة مفرغة، فإن مناط الأمر كله يرجع إلى الدين والورع والتقوى والخوف من الله تعالى وقيام العلماء بواجبهم ليكونوا أمثلة حية أمام الناس.
عن الأخلاق نتحدث
د. محمد العبدة، دار الصفوة، ص 29-30

جمع وترتيب

 د/ خالد سعد النجار


alnaggar66@hotmail.com

الثلاثاء، 23 فبراير 2016

شئون وشجون (5)



أحداث تموج بالعالم، نظريات تسقط وأخرى تولد، وهذا يقيم التاريخ وذاك يفلسف الأحداث، تجد الحكمة أحيانا والتهور أحايين أخرى.. ومن بين هذا الحراك الضخم تبرز تحليلات راقية وأفكار جوهرية آثرت أن أجمعها في عقد فريد، حباته أشبه بمحطات نحتاج أن نقف عندها كثيرا لنستقي منها العبرة ويتولد عندها الهدف .. إنه العالم الغريب الذي أتعب البشر وأتعبوه معهم، فهل من معتبر، وهل من مستفيد.

·       هل أمريكا أمة مباركة؟
أعلن رونالد ريجان أن ثراء الولايات المتحدة يرجه إلى كونها «أمة مباركة من الله» لكن أحد رجال الدين الأسبان جرؤ على استهجان ما قاله ريجان واصفا إياه بأنه «تجديف وهرطقة» لأن ثروة الولايات وقوة المتحدة لا تأتي من مباركة الله، ولكنها ترجع إلى استغلال العالم وبخاصة العالم الثالث عبر التبادلات غير المتوازنة وغير المتعادلة، وفرض استيراد المنتجات الأمريكية بالقوة، وغزو رءوس الأموال الأمريكية للدول التي تنخفض فيها المرتبات وعبر الفوائد الاستغلالية للقروض.
يقول جارودي: «تحتل الولايات المتحدة رأس القائمة في تسلسل الأمم الذي وضعته، وهي محاطة بمن يمثلون مركز العالم.. الحلفاء الذين تنطبق عليهم السمات الثلاث الخاصة: اقتصاد سوق حرة، إيمان يهودي مسيحي، انتخاب حر. على الكفة الأخرى لهذا العالم الموزع بين الخير والشر، إمبراطورية الشر وتتمثل في البلدان التي لا تتبع اقتصاد سوق حرة، ولا إيمانا يهوديا مسيحيا، ولا ديمقراطية على الطريقة الأمريكية».
في ظل المفاهيم الأمريكية الشيطانية أصبح أفضل وأشمل وأصدق تعريف للإرهابي أو المسلم الأصولي: هو ذلك الشخص الذي يرفض ما تفعله إسرائيل في العالم العربي وفي الفلسطينيين.. لكنه -حتى وإن وافق- فإن ذلك لا يكفي.. إذ لابد من اكتمال المنظومة.
  بل هي حرب على الإسلام
د. محمد عباس، نشر مكتبة مدبولي بالقاهرة ص 147

·       الفكر الغربي الحداثي
مقومات الفكر الغربي الحداثي تعتمد في جزء مهم منه على نظرية دارون، وهي نظرية متهاوية لا قيمة لها إلا في إعلاء الكفر والحداثة، وموجز منطقها المختل كأن تقول
المنضدة لها أربعة أرجل.. والبقرة كذلك.. إذن فالمنضدة بنت البقرة!!
لكن التجلي التطبيقي لهذه النظرية كانت فكرة البقاء للأقوى، وهي الفكرة التي تشكل أساسا رئيسيا للفكر الحداثي الغربي وهي الفكرة التي جعلت –كما يقول الدكتور نافع- تشرشل، باعتباره وزيرا للمستعمرات في مجلس العموم البريطاني يدافع عن استخدام القوة البريطانية للقنابل الكيماوية ضد العشائر العراقية الثائرة خلال ثورة 1920 إذ قال بوضوح أن من حق الأمم المتحضرة أن تستخدم الوسائل التي تراها مناسبة لقمع البرابرة.
هذه الفكرة الشريرة كانت وما تزال أساس الصلف الأمريكي في التعامل مع العالم.. في الجرائم البشعة التي ارتكبتها أمريكا في العراق وأفغانستان على سبيل المثال.. وفي الجرائم التي سترتكبها باسم الحرب على الإرهاب.
وهي أيضا أساس الصلف الإسرائيلي.. فأمريكا هي إسرائيل وإسرائيل ليست سوى حاملة طائرات ضخمة لأمريكا.. هي أساس الصلف الإسرائيلي التي جعلت مجرما كنتنياهو يعلق على ما قيل من أن البحث عن أسامة بن لادن في جبال أفغانستان كالبحث عن إبرة في كومة قش.. فإذا بالخنزير يقول:
ولماذا تتعبون أنفسكم بالبحث عن الإبرة.. احرقوا كومة القش.    
  بل هي حرب على الإسلام
د. محمد عباس، نشر مكتبة مدبولي بالقاهرة ص 143-144

·       الدعارة الأمريكية
جهل الشعب الأمريكي بما يدور حوله- وهو جهل في الغالب بسبب تصرفات بلاده ومحاولتها أن تهيمن على العالم- هو جهل متعمد.. كتعمد أسرة ألا تسأل ربها عن مصدر أمواله لأنها في الوعي أو حتى في اللاوعي تدرك أنه مال حرام.. حصيلة السرقات وملوث بالدم.. أو كتعمد أب ألا يسأل ابنته عن الجواهر التي توين جيدها ويديها لأنه يعلم في الوعي أو اللاوعي أنها نتاج الدعارة.
يقول جارودي عما فعلته أمريكا بنفسها وبالعالم: «حولت كل شيء إلى دعارة»
ولكم هو مصيب!!
كل شيء
فتاريخ الولايات المتحدة هو تاريخ سرقة أوطان وإبادة شعوب واسترقاق البشر الذين قامت على أكتافهم أسس النهضة الشيطانية.
السرقة والقتل والنهب والاحتلال والكذب وازدواج المعايير صفات أصيلة في الشخصية الأمريكية.
في نيويورك، وحسب إحصاءات الشرطة، يقع هناك حادث قتل كل أربع ساعات، واغتصاب كل ثلاث ساعات، واعتداء كل ثلاثين ثانية، وبرغم كل ذلك، فإن نيويورك لا تتبوأ سوى المكانة العاشرة ضمن مدن الولايات المتحدة بالنسبة لانتشار الجرائم. وفي عام 1998 تم إحصاء 21000 جريمة قتل في سجل الولايات المتحدة، واليوم هناك أكثر من مليون أمريكي في السجون، وأكثر من ثلاثة ملايين آخرين تحت المراقبة القضائية.
أربعة ملايين.. هم الذين لم يستطيعوا الإفلات من القانون !!
وفي تقرير صدر عن «صندوق حماية الأطفال» – المؤسسة الرئيسية لحماية الأطفال في الولايات المتحدة- رصد الخط البياني الصاعد بلا توقف للأطفال والمراهقين المقتولين بالأسلحة النارية منذ عام 1979 وحتى عام 1991 قتل ما يقرب من 50 ألف أمريكي أقل من تسعة عشر عاما (9 آلاف أقل من أربعة عشر عاما و 40 ألفا بين خمسة عشر وتسعة عشر عاما) قتلوا برصاصات أو حوادث أو جرائم متشابكة. في خلال الفترة ذاتها، نجد أن عدد المحتجزين لارتكاب جرائم قتل وذبح ممن هم دون سن التاسعة عشرة قد تزايد بنسبة 93%. وحسب ما ورد في التقرير ذاته، فإنهم في الأغلب الشباب الذين يقتلون أو يصيبون شبابا آخرين.
كما سجل عدد القضاة الذين ثبتت إدانتهم في قضايا الرشوة والغش الضريبي بين عامي 1980-1990 رقما قياسيا فاق عدد الذين أدينوا للسبب ذاته خلال الـ 190 عاما الأولى من تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية.
إن خمسة عشر مليون أمريكي يعملون في صناعات السلاح والأنشطة المتعلقة بها، وهذا الرقم يزيد عن ربع القوة العاملة في المجتمع الأمريكي، والذين يمكن أن يتضرروا بشدة ما لم تكن هناك حروب.. فهل يختلفون عن أكلة لحوم البشر؟
  بل هي حرب على الإسلام
د. محمد عباس، نشر مكتبة مدبولي بالقاهرة ص 133-134

جمع وترتيب

 د/ خالد سعد النجار

alnaggar66@hotmail.com



الأحد، 21 فبراير 2016

شئون وشجون (4)


أحداث تموج بالعالم، نظريات تسقط وأخرى تولد، وهذا يقيم التاريخ وذاك يفلسف الأحداث، تجد الحكمة أحيانا والتهور أحايين أخرى.. ومن بين هذا الحراك الضخم تبرز تحليلات راقية وأفكار جوهرية آثرت أن أجمعها في عقد فريد، حباته أشبه بمحطات نحتاج أن نقف عندها كثيرا لنستقي منها العبرة ويتولد عندها الهدف .. إنه العالم الغريب الذي أتعب البشر وأتعبوه معهم، فهل من معتبر، وهل من مستفيد.

·       الحضارة الغربية
وبطبيعة الحال أثرت النسبية في كثير من مجالات الحياة، خصوصا الفنون. وبدأت في الستينات عملية التحرر من قيود وحدود الفن، الأخلاقية والجمالية، وتزايد معدلات الإباحية والعنف، ثم جاوزتهما عملية التحرر، إذ أصبحت تحررا من أي قيود أو معايير.
كان من أهم رواد (البارتزان ريفيو) في جامعة (رتجرز) الفنان آندي وورهول الذي كان يوقع في منتصف الستينات على علب القمامة وعلب الحساء القديمة فتتحول بقدرة قادر إلى أعمال فنية تباع بآلاف الدولارات، وكان له فيلم يسمى «النوم» يستمر عرضه لمدة ثلاث ساعات، عبارة عن شخص نائم يتحرك كل ربع ساعة أو عشر دقائق. كما رأيت فرقة مسرحية في نفس الفترة تسمي نفسها «مسرح الواقعية الراديكالية» وكان عنوان المسرحية التي تقدمها هو «أخت فيديل كاسترو» وكانت مليئة بالإشارات الجنسية الطفولية (من بينها عرض الأعضاء التناسلية) التي لا تهدف إلى نقل رسالة، فهدفها الأساسي هو أن تصدم الجمهور، ولكن الأدهى –ولسبب لا أعرف حتى الآن- كان الذكور يلعبون دور الإناث، وكانت الإناث يلعبن دور الذكور. ويتم كل هذا باسم الإبداع والنسبية والحرية، وما حيرني كثيرا هو أن جمهور المتفرجين عبر عن إعاجبه الشديد بهذه المسرحية، التي لا يسمع أحد بها هذه الأيام، تماما مثلما عبر عن إعجابه بفيلم «النوم». ظل هذا التيار يتطور إلى أن عبر عن نفسه بشكل مثير في الآونة الأخيرة في أعمال ثلاثة فنانين دفعوا بالنسبية إلى أقصى مداها، إذ أصبحت تعني التحرر من الحدود الإنسانية ذاتها: أولهم اندريه سيرانو. وتعود شهرته إلى لوحة بعنوان «فلتتبول على المسيح» حيث وضع الفنان صورة المسيح على الصليب في البول. وثانيهم روبرت مابلثورب، وهو مصور فوتوغرافي تخصص في تصوير نفسه في أوضاع جنسية شاذة تتسم بالعنف. وثالثهم وأشهرهم هو جويل بيتر ويتكن وهو مصور فوتوغرافي يستخدم أجساد الموتى في أعماله الفنية. ومن أهم أعماله عيد المغفلين، وهو تقليد لأحد الأنواع الفنية الكلاسيكية يسمى «الغرور» موضوعه الأساسي هو الغرور الإنساني وتأكيد أن كل شيء إلى زوال. وكانت اللوحة التي تدور حول الموضوع تأخذ شكل فواكه أو طعام في طبق، توضع بجوارها جماجم بشرية، وطائر ميت في طبق لتذكر الإنسان بالموت. ولكن ويتكين طور طريقة التناول وحولها، إذ كان يضع بدلا من الجماجم أيادي وأقداما إنسانية حقيقة، وبدلا من الطائر الميت كان يضع جثة طفل ميت (يقال إنه قام بإيداع هذا العمل في مشرحة!). ومن موضوعات ويتكن الأثيرة تصوير الموتى بعد أن يرتدوا بعض الملابس، وصورة رجل يضع مسمارا في قضيبه (فهذه هي الطريقة الوحيدة التي يتواصل بها مع الآخرين كما يخبرنا الفنان). وقد أبدع ويتكن لوحتين صورتين شهيرتين: صورة جنين مشوه وقد تم تثبيته على صليب، ورجل بلا رأس يجلس على كرسي. وحينما تقيأت إحدى المدعوات في حفلة افتتاح أحد معارضه، قال الفنان: إن إحدى علامات المرأة الجميلة أنها تحتفظ بجمالها حتى حينما تتقيأ!. وتباع النسخة من صوره بـ 35 ألف دولار. وفي مقال عن ويتكين بدأه الكاتب بقوله: إذا كان الفنانون يعبرون عن طبيعتهم من خلال صورهم، فإن ويتكين وحش بكل تأكيد.
وحياة ويتكين لا تقل وحشية أو نسبية. فحينما يجري صحافي حوار معه فإنه عادة ما يحدثه مرتديا قناع زورو. وهو يعيش مع زوجته سينثيا وعشيقتها باربرا وينامون في نفس الفراش. وله ابن من سينثيا يسمى كيرسون (ولنتخيل مشكلة الهوية التي سيواجهها هذا الابن المحظوظ بالتعددية المفرطة المحيطة به، خاصة إذا عرفنا أن الفنان يعترف أنه يمارس الجنس أحيانا مع موضوعاته أي جثث الموتى)
ويصل هذا الاتجاه الفني فيما يسمى «سنف موفيز» ولا أعرف ترجمة لهذه العبارة، ولكن لعل وصفها يعطي فكرة عن محتواها. وهي أفلام يختلط فيها العنف والجنس بطريقة متطرفة، وكثيرا ما تنتهي ببطلة الفيلم في حالة نشوة جنسية ويتم قتلها في اللحظة التي تقذف فيها. ومثل هذا المنظر يتكرر في الأفلام الإباحية العادية ولكن في السنف موفيز يتم الذبح بالفعل!!
نعم تقتل بطلة الفيلم.
وكان يتم الإعلان عن الفيلم بعبارة «صور في أمريكا اللاتينية حيث العمالة رخيصة» وكل لبيب متوحش بالإشارة يفهم.
ومخرجو مثل هذه الأفلام يدافعون عنها من منظور الإبداع والحرية والثورة.. إلخ. وقد قام بعض المثقفين الليبراليين المدافعين عن حرية الرأي المطلق بمظاهرة ضد دور السينما التي تعرض مثل هذه الأفلام. ولكن جريدة وول ستريت جورنال قامت بتعنيفهم لموقفهم هذا، وبينت لهم أن ما يحدث إنما هو نتيجة طبيعية للموقف النسبي المتسيب من الفن والجنس وإنكار الحدود باسم الحرية المطلقة والإبداع غير المتناهي!         
  بل هي حرب على الإسلام
د. محمد عباس، نشر مكتبة مدبولي بالقاهرة ص 150-151
نقلا عن الدكتور عبد الوهاب المسيري
·       أدوات النصب
ولم يكن الصليب رمزا للمسيح عليه السلام وإنما جزءا من أدوات النصب والاحتيال وقناعا من أقنعة الشيطان.. فهؤلاء الناس لا يمكن أن يكونوا مسيحيين أو يهودا حتى بالمعنى المحرف.. لا يمكن أن يكونوا قوما طلبوا الطريق إلى الله فأخطئوه.. إنما هم قوم طلبوا الطريق إلى الشيطان فأصابوه.. لا يمكن إلا أن يكونوا عبدة شيطان.. بالمعنى الحرفي المباشر.
وعندما كان العداء لليهود يخدم أغراض الغربيين شتتوهم وطاردوهم ونكلوا بهم وجعلوا الإنجيل يقول ذلك.. فلما اختلف الظرف اكتشفوا أن العلاقة بينهم وبين اليهود أوثق مما تكون.. وجعلوا الإنجيل والتوراة يقولون ذلك أيضا.. بل وجعلا البابا والكنيسة يبرئان اليهود من دم المسيح (في تصورهم الخاطئ).
ما أريد أن أصل إليه أن الحضارة الغربية التي تقودها أمريكا ليست حضارة مسيحية وأن الصليب الذي يرفعونه ليس رمزا للسيد المسيح، وأنها حضارة شيطانية لا تخضع مبادئها ولا ممارساتها للدين أو لدين!!.. لا في مبادئها الأولى التي أنزلت على النبي عيسى بن مريم عليه السلام، ولا حتى في المسيحية المحرفة باليهودية، وهذا واضح، إلا أني أريد أن أثبت أن ممارساتهم تلك لا تخضع للعقل أيضا.. ولا حتى للعقل بمفهومه الغربي.. فإن كانت ليست مسيحية ولا هي عقلانية فلن يبقى أمامنا سوى احتمال واحد وهو أنها حضارة شيطانية.
  بل هي حرب على الإسلام
د. محمد عباس، نشر مكتبة مدبولي بالقاهرة ص 150-151بتصرف

·       اليهود وراء كل جريمة
في كتاب «وليم كار» الشهير «اليهود وراء كل جريمة» وهو كتاب صدر منذ أكثر من ربع قرن، يتحدث الكاتب عن العهد الذي أصبح فيه الشيطان سيد العالم وعن تأسس كنيس الشيطان على الأرض الذي شرع من أول يوم في التآمر على محاربة الدستور الإلهي.. ويذكر «وليم كار» أن بدايات هذا الكنيس الشيطاني قديمة وأن المسيح عليه السلام قد فضح كنيس الشيطان هذا وهاجم أتباعه مسميا إياهم أبناء الشياطين ووصفهم بأنهم كذابون ولا يدينون بأي دين سماوي.
في جزء آخر من الكتاب يتحدث المؤلف عن المخطط الذي شرع أتباع ذلك الكنيس الشيطاني في تنفيذه منذ أكثر من مائتي عام وبالتحديد في عام 1776م.. حين تمت صياغة المخطط الدموي الوحشي والذي جعلوا غايته وضع خطة للكنيس الشيطاني للسيطرة على العالم، والذي ضمنه النقاط التالية:
1-   تدمير جميع الحكومات الشرعية وتقويض الأديان السماوية كافة.
2- تقسيم الجوييم –غير اليهود- إلى معسكرات متنابذة تتصارع فيما بينها بشكل دائم حول عدد من المشاكل التي تتولى المؤامرة توليدها وإثارتها باستمرار ملبسة إياها ثوبا اقتصاديا تارة وأهرى اجتماعيا وثالثة سياسيا ورابعة عنصريا وإلى آخره.
3- تسليح هذه المعسكرات بعد خلقها ثم تدبير حادث في كل مرة يكون من نتيجته أن ينقض كل معسكر على الآخر حتى يفني بعضها بعضا.
4- بث سموم الشقاق والنزاع داخل البلد الواحد وتمزيقه إلى فئات متناحرة وإشاعة الحقد والبغضاء بين أبناء البلد الواحد حتى تتقوض جميع مقومات المجتمع الدينية والأخلاقية والمادية.
  بل هي حرب على الإسلام
د. محمد عباس، نشر مكتبة مدبولي بالقاهرة ص 150

 

جمع وترتيب

د/ خالد سعد النجار


alnaggar66@hotmail.com

الجمعة، 19 فبراير 2016

شئون وشجون (3)


أحداث تموج بالعالم، نظريات تسقط وأخرى تولد، وهذا يقيم التاريخ وذاك يفلسف الأحداث، تجد الحكمة أحيانا والتهور أحايين أخرى.. ومن بين هذا الحراك الضخم تبرز تحليلات راقية وأفكار جوهرية آثرت أن أجمعها في عقد فريد، حباته أشبه بمحطات نحتاج أن نقف عندها كثيرا لنستقي منها العبرة ويتولد عندها الهدف .. إنه العالم الغريب الذي أتعب البشر وأتعبوه معهم، فهل من معتبر، وهل من مستفيد.

·       صراع الحضارات أم نهاية التاريخ
في مطلع عقد التسعينات امتزجت نظريتان مصدرهما الأساسي أمريكا:
الأولى: رائدها هو (صمويل هينتنغتون) وعنوانها «صراع الحضارات» وبذلك تخللت مقولةالصراع الحضاري القادم بين الغرب والإسلام بعد أن سقط العدو التقليدي للغرب «الشيوعية».
الثانية: رائدها (فوكوياما) وعنوانها «نهاية التاريخ» والتي وصلت إلى خلاصة مفادها أن الحضارة الغربية قد انتصرت على غيرها، وهي الحضارة القائمة الآن.
ويبدو أن النظريتين تكملان بعضهما البعض، وتستهدفان العالم كله، وليس فقط الإسلام والمسلمين تحديدا. وذلك من خلال دفع كل نظرية في العالم باتجاه القبول بإحداها.
فالذين يرفضون أطروحة «صراع الحضارات» عليهم القبول بأطروحة «نهاية التاريخ» وأن العالم تحكمه حضارة واحدة تحت مظلة العولمة، أو في إطار (القرية الكونية الصغيرة) أو (الحضارة الإنسانية الواحدة) وهي القائمة الآن، الغربية الملامح والسمات، الأمريكية في قيادتها وفي توظيفها.
ولابد من القول: أن الصراع لن يكون بين العولمة والإسلام فقط، وإنما بين أوروبا وأمريكا أي في الدائرة الغربية نفسها، وإن كان على المصالح في المنطقة الإسلامية والعالم العربي.
        العولمة في الرؤية القرآنية، الشيخ ماجد الماجد، مجلة الهداية البحرينية، العدد 231
·       أفغانستان العظيمة
وعندما ننظر في كتب الدين نفاجأ أن أفغانستان قد أعطت الأمة الإسلامية بعضا من أعظم كنوزها الفكرية. فهي بلاد أبي حنيفة والبيهقي والبلخي والهروي وابن حبان البستي، وعلى حدودها بلد الترمذي والنسائي والبخاري، وهي بلاد قطز قاهر التتار ومحود الغزنوي فاتح الهند، وهي بلاد الفخر الرازي وابن قتيبة وإمام الحرمين الجويني والبيروني والبدخشي والفارابي وابن سينا والجورجاني.
نعم.. أنجبت أفغانستان إمامين جليلين من أئمة الفقه هما أبو حنيفة الذي ينتسب عن طريق جده إلى كابل، وأحمد بن حنبل الذي ولد بمدينة مرو.
كما برز فيها من المحدثين أبو داود السجستاني صاحب السنن إلى جانب كثير غيرهم من المفسرين والمحدثين، وأبو حامد الغزالي والسرخسي والبيهقي والنيسابوري.
هل تندهش أيها القارئ لأن معظم المسلمين لا يعلمون شيئا من ذلك 
حق لك أن تندهش.. فكل دهشة هي وصمة عار في جبين التغريب في بلادنا وعمليات نشر الجهل والتفاهة لا العلم والثقافة. [ بل هي حرب على الإسلام، د. محمد عباس، نشر مكتبة مدبولي بالقاهرة ص 185]
·       المشكلة
المشكلة ليست أننا ضدهم.
بل المشكلة أنهم ضدنا.
والمشكلة ليست أننا نريد فرض قيمنا المتخلفة عليهم.
بل المشكلة أنهم يريدون فرض الكفر والفجر علينا.. فإن لم نكفر كنا أعداء الحداثة التي هي أساس الحضارة الغربية ووجب عليهم أن يشنوا علينا حربا صليبية.
"حرب صليبية"
أنذرنا القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف بها وحذرنا منها.
أعترف بها قادتهم قائدا بعد قائد – وآخرهم بوش وبيرلسكوني- وبابواتهم بابا بعد بابا، وفلاسفتهم وكتابهم ومفكريهم.
وحذرنا منها علماؤنا عالما بعد عالم، وكاتبا بعد كاتب، ومفكرا بعد مفكر، من الذين طهرهم الله من دنس السلطة.
لم يطمئنا إلا ولاة أمورنا والنخبة المستغربة من علمانيين وحداثيين وبقايا شيوعيين وانتهازيين ولصوص.. هم الذين قالوا أنها ليست حربا على الإسلام!!.
  بل هي حرب على الإسلام
د. محمد عباس، نشر مكتبة مدبولي بالقاهرة ص 175-176
·       هذه حقيقتهم
يقول (يوجين روستو) مستشار (جونسون) ورئيس قسم التخطيط بالخارجية الأمريكية: لا تستطيع أمريكا إلا أن ثقف في الصف المعادي للإسلام، أي إلى جانب العالم الغربي والدولة الصهيونية، إن هدف العالم الغربي في الشرق الأوسط هو تدمير الحضارة الإسلامية، وإن قيام إسرائيل جزء من هذا المخطط، وليس إلا استمرارا للحرب الصليبية.
ويقول (جارنر): إن الحروب الصليبية لم تكن لإنقاذ القدس.. إنها كانت لتدمير الإسلام.
ويقول (راندولف تشرشل): لقد كان إخراج القدس من سيطرة الإسلام حلم المسيحيين واليهود على السواء، إن سرور المسيحيين لا يقل عن سرور اليهود، إن القدس قد خرجت من أيدي المسلمين، ولن تعود إليهم في أي مفاوضات مقبلة.   
  بل هي حرب على الإسلام
د. محمد عباس، نشر مكتبة مدبولي بالقاهرة ص 168-169

 

جمع وترتيب

د/ خالد سعد النجار

alnaggar66@hotmail.com