الخميس، 29 أغسطس 2013

الزواج بين جمال الصورة وجمال الروح


من حقّـنا أن نضع الجمال في قائمـة المواصفات التي نطلبها في الزواج .. فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رجلاً قال: إني تزوجت امرأة، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ( ألا نظرت إليها، فإن في أعين الأنصار شيئا !!) [النسائي]
ولمّا سئل -صلى الله عليه وسلم-: أي النساء خير؟! قال: ( التي تسره إذا نظر، وتطيعه إذا أمر، ولا تخالفه في نفسها ومالها بما يكره ) [النسائي] ومما يدل شرعا على أهمّية اعتبار الجمال: إباحة النظر إلى المخطوبة، ومعلوم أن النظر إنما أبيح ليُعرف القبح والجمال في المرأة والرجل.
ولكنّنا قد نبالغ أحياناً في شروط وأوصاف الجمال، متناسين أنّ التي تتوافر على شروطنا لها شروطها أيضاً التي قد لا تتوافر فينا، وأنّ المبالغة في التركيز على الشكل تخسرنا الجمال الآخر الذي عبّرنا عنه بـ «الجاذبية» أو «جمال الروح»، وأنّ الجمال الجسدي الخالي من الجمال الروحي ليس جمالاً بل وبالاً.
الشكل أو الجمال الظاهري مطلوب، لكنّه ليس الشرط الوحيد في تحقيق السعادة الزوجية، فهناك في هذه الحياة المشتركة الجميلة الكثير والكثير من مظاهر الجمال غير المنظر الخارجي، فهناك المودّة، وهناك الرّحمة، وهناك الألفة والعشرة والأنس، وهناك التفاني، وهناك العمل المشترك على إنشاء أسرة صالحة .. وهناك وهناك، فإذا فاتنا جمال فسيكون هناك أكثر من جمال آخر يمكن أن نتطلّع إليه، ويمكن أن ننجذب بسببه إلى الآخر.
الجوهر قبل المظهر
-  جمال الصورة تبليه السنين ولا يقبل النّماء، بعكس جمال الروح فإنه قابل للنّماء والتألّق، وهو الجمال الذي امتدحه الله تعالى بقوله: { فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ } [النساء/34] .
-      جمال الصورة قابل للتنازل عنه، بعكس جمال الروح فإنه لا يقبل التنازل عنه أو التساهل فيه.
وتذكّر وصية حبيبك محمد -صلى الله عليه وسلم-إذ أوصاك بقوله: ( فاظفر بذات الدين تربت يداك ).
-  جمال الروح وجمال الطباع ينعكس على الجسد فيجعله جميلاً، أما جمال الجسد فلا يغني إذا ساءت الروح أو الطباع .. ورب ملكة جمال لا يطيق زوجها أن ينظر إليها لسوء أخلاقها وطباعها، والنفس تحب ألوان الجمال جميعًا المادي والروحي.
-  القصور في بعض ملامح الجمال الظاهري يمكن تكميله وتعويضه بعكس جمال الروح .. فلا يلزم من اشتراطك ملامح معيّنة في الجمال أن تفرّط في بعض الفرص السانحة بسبب ذلك، فمثلاً قد تجد فتاة صيّنة دينة على جمال وخلق لكنها (بدينة بعض الشيء) وأنت ترغب في فتاة غير بدينة، فالجمال من هذه الجهة ممكن أن يعوّض بمساعدتها مثلا على برنامج للحمية ونحو ذلك.
انتبه لاختيارك
·   من أكثر الأخطاء التي يقع فيها المقبلون على الزواج - سواء شابا أو فتاة - هو عدم أخذ المشورة من أهل الاختصاص ومن أهل الخبرة في الحياة العملية، سواء من الأهل أو الأصحاب. كذلك عدم إعطاء نصائحهم قيمة في هذا الصدد، مع أن مثل هذه النصائح إذا أخذت في الحسبان فإنها سوف تمنع الكثير من المشاكل التي قد تطرأ بسبب وجود تنافر في الطباع يتم التغاضي عنه تحت تأثير العاطفة والرغبة في إتمام الزواج.
·   عند تحديد بنود التكافؤ لشريك الحياة يجب الانتباه إلى أن الشخص كامل الأوصاف غير موجود، وأن عليك تحديد أولوياتك وترتبها حسب ما تحتاجه من شريك حياتك، وأي منها أساسية وأيها ثانوية، وما هي الأشياء التي تقبل التنازل عنها في بنود التكافؤ لحساب بنود أخرى، بمعنى إذا وضعت الشكل والجمال –مثلا- في أول القائمة، فعليك أن تضع في اعتبارك أن ذلك قد يكون على حساب المستوى الاجتماعي والاقتصادي -مثلا- وهكذا .
·   ما يهم في شريكي الحياة أن يلبي كل منهما احتياجات الآخر بطريقة تبادلية ومتوازنة، وهذا لا يتطلب تشابههما أو تطابقهما، وإنما يتطلب تكاملهما بحيث يكفي فائض كل شخص لإشباع حاجات الشخص الآخر.
·   اختلاف الثقافات ليس العامل الوحيد المؤثر في نجاح أو فشل العلاقة الزوجية، بل إن التعويل إنما يكون على مرونة الطرفين وقدرتهما على توظيف الاختلاف الثقافي بوصفه عنصر إثراء وتكامل، ووعيهما بحتمية التنازلات المشتركة أحيانًا، وبضرورة التفهم والتفاهم، والتعامل بروح الانفتاح وليس الإصرار على عادات أو تقاليد بعينها بوصفها الصواب، وغير ذلك خطأ.
·   الأصل أن يكون الرجل أكثر خبرة وحكمة ونضجًا من المرأة التي سيكون قوامًا عليها، ولا يعني هذا بالطبع أن تكون هي حمقاء، وبالتالي فإن العبرة في الفارق العمري أن يساهم في حصول هذا الفارق في النضج؛ لأنه في مصلحة العلاقة الزوجية.
·   من الأفضل اختيار السلامة من الأمراض والعيوب قدر الإمكان، وقد بعث الرسول -صلى الله عليه وسلم- أم سليم إلى امرأة فقال: ( انظري إلى عرقوبها وشمي معاطفها ) وفي رواية ( شمي عوارضها )، ومن المهم السلامة من أي عائق ممكن أن يمنع من الإنجاب.

د/ خالد سعد النجار


alnaggar66@hotmail.com

الخميس، 22 أغسطس 2013

تلقيح الثورة المصرية


مع ميلاد أي ثورة لابد أن تتولد ثورة مضادة، ويعتقد عالم الاجتماع (تشارلز ميلز) أن وجود الثورة المضادة هو أبلغ دليل على أن الثورة تحمل رسالة تغيير جدية.
إلا أن هذه الثورة المضادة إن لم تحاول خنق الثورة في بواكيرها، فلا أقل من اللعب في بوصلتها لتحريف اتجاهها عن المسار الصحيح، لكن أسوأ ما يمكن أن يعتري الثورة هو التسلل بخفاء في مقدراتها من قبل فلول النظام السابق في محاولة للتزاوج غير الشرعي من أجل تلقيح مشبوه للثورة كي تضع في نهاية الحمل السفاح وليدا مشوها معاقا أكثر شبها بالنظام السابق، لا يقر أعين الجماهير التي داعبتها آمال الحرية طيلة أيام المخاض.
قبل الانتخابات البرلمانية وتحديد يوم الثلاثاء (1/11/2011) فاجأ نائب رئيس الوزراء «علي السلمي» (محسوب على حزب الوفد الليبرالي) المجتمع المصري بوثيقة «إعلان المبادئ الأساسية للدستور»، وكذلك معايير تشكيل الجمعية التأسيسية لوضع الدستور الجديد للبلاد، في محاولة التفافية لتهميش دور القوى الوطنية وفرض الهيمنة على الشعب المصري حتى لا يعبر عن إرادته، مانحا في بنود الوثيقة سلطات واسعة وحصرية للمجلس العسكري تعود بمصر مرة أخرى إلى عهود الوصاية على الإرادة الشعبية واختزالها بدعوى أن النخب على وعي أكبر وأنضج بمصير الأمة، الأمر الذي يوقع مصر في نفس الخطأ التاريخي إبان عهود الفراعنة المعاصرين الذين حكموا البلاد بفردية تامة ووقعوا على معاهدات (كامب ديفيد نموذجا) وأبرموا صفات (المعونة الأمريكية) وأنشئوا تحالفات (التطبيع مع الكيان الصهيوني) على غير رغبة الشعوب، ضاربين بالاتجاه الوطني العام عرض الحائط.
وثيقة حكومية وليست شعبية
رغم أن استفتاء شعبي أجري على إعلان دستوري بعد أسابيع من إسقاط مبارك (التاسع عشر من شهر مارس 2011)، تضمن أن يختار الأعضاء المنتخبون في مجلسي الشعب والشورى جمعية تأسيسية لوضع الدستور الجديد، إلا أن وثيقة السلمي الجديدة -التي وضعتها هيئة غير منتخبة شعبيا- قامت بنودها بعملية ذبح للشفافية التي تنشدها جماهير الثورة، حيث أعطت حصانة للمؤسسة العسكرية تمنع مناقشة سياستها الداخلية أو ميزانيتها في البرلمان، على أن يتم وضع الميزانية العسكرية رقما واحدا في الموازنة العامة. كما لوحظ أن النص على أن وزير الدفاع هو القائد العام للقوات المسلحة، يهدف إلى منع الحزب الذي يشكل الحكومة من تعيين وزير دفاع مدني.
واستكملت عملية الذبح بالنص على أن يتم اختيار 80 عضوا من الجمعية التأسيسية لوضع الدستور من خارج مجلس الشعب!!.. والحد الأقصى لمشاركة الأحزاب والكتل خمسة أعضاء.
وللمجلس العسكري حق طلب إعادة النظر في مواد مشروع الدستور إذا تضمن نصا يتعارض مع مقومات الدولة والمجتمع والحقوق والحريات العامة. وإذا لم تنته الجمعية التأسيسية من الدستور خلال ستة شهور يختار المجلس العسكري جمعية جديدة بحريته لوضع الدستور خلال ثلاثة شهور.
 كل هذا تحت مبرر أن الدستور الجديد لابد أن يضعه أهل الاختصاص، لكن د. عصام العريان (نائب رئيس حزب الحرية والعدالة/ الإخوان المسلمون) رفض هذا الالتفاف بأن الدستور يجب أن تضعه مجموعة من الخبراء ذوي الخبرة وبالتالي يجب الاتفاق على أسس اختيار اللجنة التأسيسية. وقال: «من الذي قال إن البرلمان لن يختار الخبراء الدستوريين ذوي الثقة، البرلمان سيختار أكثر الناس توافقاً وسيكونون ضمن لجنة المائة»
أما مرشح الرئاسة د. محمد سليم العوا، فقد قال أنه عندما ذهب إلى اجتماع الدكتور علي السلمي نائب رئيس الوزراء فوجئ بوجود نسبة عالية من الفلول والأحزاب الكرتونية التي لا يوجد لها أرضية في الشارع المصري.
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن: من الذي أعطي السلمي أو المجلس العسكري هذه الوصاية على الشعب، كي يرسموا معالم الدستور الجديد، بصرف النظر عن محتواه إيجابا أو سلبا؟! .. إن الجيش مؤسسة وطنية ملك للشعب وذات مسئولية محددة في حماية الوطن، ومسئولية مؤقتة الآن في حماية الثورة وتسليمها لرئيس ترتضيه الجماهير فقط، أما الحقوق -من أي نوع- فقد آلت للشعب فقط صاحب الثورة، وهو الوحيد صاحب الحصانة التي لن يهبها لأحد بعد الآن .. لابد أن تعرف مصر الجديدة ونخبها أن هذا الشعب ليس عقيما في فكره ولا يجهل طريقه، ولا يحتاج لمن يوجهه، وهو غني بكوادره القادرة على تحمل مسئوليته بتكليف منه وحده وبموافقة ضمنية على محاسبته لها.
لكن أن تقوم هيئة بحذف 80 فرد منتخب من لجنة صياغة الدستور، وتحديد معالم لمن تختارهم هي وتفضلهم على من اختارهم الشعب، مع قصر القوى الوطنية في 20 فرد فقط، فهذه ردة إلى العهود البائدة، وتقمص دور لم تعتمده القوى الوطنية، وقفز من نوع مكشوف لركوب موجة الثورة.
والعجيب أن تأتي بعض رموز القوى الليبرالية وتؤيد هذه الوصاية، وتعطي لأنفسها الحق الكامل في الحديث عن الشعب، وتقع في نفس الخطأ الذي وقعت فيه وثيقة السلمي، وتتنصل من استفتاء مارس الشعبي.
كل هذا -وبصراحة تامة- نتيجة الخوف من مشاركة الإسلاميين في الساحة السياسية، لما يتمتعون به من شعبيه عارمة، برزت بعدما سئمت الشعوب من لا يتقون الله تعالى فيها. وهذا الرعب الغير مبرر من القوى الليبرالية يهول الأمر وكأن الإسلاميون وحدهم هم الذين سيكتبون الدستور!!      
إن هذه الوثيقة لهي أكبر دليل على تغلغل فلول النظام السابق في المشهد السياسي المصري بعد الثورة، وأن سياسة الإقصاء ما زالت مخيمة على فكر بعض الرموز، وأنه من الطبيعي أن تنال سيل من أقبح الأوصاف من كتابنا ومحللينا: ( السم القاتل، الفضيحة السياسية، الوثيقة المشبوهة، فتنة دستور السلمي ... ).

د/ خالد سعد النجار

alnaggar66@hotmail.com


السبت، 3 أغسطس 2013

صلاة التراويح.. وقفات فقهية (3)


 


صلاة التراويح من العبادات التي تحمل الكثير من الذكريات الرمضانية الجميلة حيث الاجتماع والوحدة وسماع القرآن بأصوات ندية والدعاء والتضرع والقنوت.. وكثير من العبادات الروحانية والإيمانية الرائعة.

ولما كان مقصد العبادة الأعظم القبول عند الرحمن والتطلع إلى خير جزاء في رحاب الجنان تحتم على كل مخلص أن يلم بأحكامها وآدابها رجاء نيل بركتها وعظيم ثوابها غير منقوص، وتخليصها من البدع والآفات التي ربما تعصف بها بالكلية ويصير تعبنا هباء منثورا.

لذلك رأيت أن أجمع من دقيق المسائل وغوامض الأسرار الفقهية ما تمس إليه الحاجة راجيا النفع لي ولعموم المسلمين، والله المستعان وعليه التكلان.

 

- سئل الشيخ ابن باز عن بعض الناس إذا صلى مع الإمام الوتر وسلم الإمام قام وأتى بركعة ليكون وتره آخر الليل فقال:

لا نعلم في هذا بأساً نص عليه العلماء ولا حرج فيه حتى يكون وتره في آخر الليل. ويصدق عليه أنه قام مع الإمام حتى ينصرف لأنه قام معه حتى انصراف الإمام وزاد ركعة لمصلحة شرعية حتى يكون وتره آخر الليل فلا بأس بهذا ولا يخرج به عن كونه ما قام مع الإمام بل هو قام مع الإمام حتى انصرف لكنه لم ينصرف معه بل تأخر قليلاً. [الجواب الصحيح من أحكام صلاة الليل والتراويح للشيخ عبد العزيز بن باز ص 541]

وأمْرُ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأن تكون آخر الصلاة بالليل هي الوتر، أمرٌ على سبيل الاستحباب لا الوجوب فإن أوتر مع الإمام وانصرف معه، فلا حاجة إلى الوتر آخر الليل، فإن استيقظ آخر الليل صلى ما كُتب له شفعا (أي ركعتين ركعتين) ولا يعيد الوتر، فإنه لا وتران في ليلة.

 

- القنوت في تعريف الفقهاء هو: " اسم للدعاء في الصلاة في محل مخصوص من القيام ". وهو مشروع في صلاة الوتر بعد الركوع على الصحيح من قولي العلماء. ومشروع إذا نزلت بالمسلمين نازلة فيدعو بعد الرفع من الركوع في آخر ركعة من كل فريضة من الصلوات الخمس، حتى يكشف الله النازلة، ويرفعها عن المسلمين. [تصحيح الدعاء للشيخ بكر أبو زيد ص 460]

وأما القنوت في صلاة الصبح دائماً في جميع الأحوال فإنه " لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه خص الصبح بالقنوت، ولا أنه داوم عليه في صلاة الصبح، وإنما الذي ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قنت في النوازل بما يناسبها، فقنت في صلاة الصبح وغيرها من الصلوات يدعو على رعل وذكوان وعُصَيَّة لقتلهم القراء الذين أرسلهم النبي صلى الله عليه وسلم إليهم ليعلموهم دينهم، وثبت في صلاة الصبح وغيرها يدعو للمستضعفين من المؤمنين أن ينجيهم الله من عدوهم، ولم يداوم على ذلك، وسار على ذلك الخلفاء الراشدون من بعده، فخير ( للإمام ) أن يقتصر على القنوت في النوازل اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ثبت عن أبي مالك الأشجعي قال: قلت لأبي: يا أبت قد صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلف أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم أفكانوا يقنتون في الفجر؟ فقال: (أي بنيّ مُحدَث) رواه الخمسة إلا أبا داود ( وصححه الألباني في الإرواء 435)، وإن خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم. [اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (7/47).]

 

- لدعاء القنوت في صلاة الوتر صيغ واردة منها:

1- الصيغة التي علمها رسول الله صلى الله عليه وسلم للحسن بن علي رضي الله عنهما، وهي:( اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لني فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت، فإنك تقضي ولا يقضى عليك، إنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت، لا منجى منك إلا إليك ) [أبو داود  والنسائي  وصححه الألباني في الإرواء 429].

2- وعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ فِي آخِرِ وِتْرِهِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ لا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ " [الترمذي وصححه الألباني في الإرواء 430]. ولا بأس أن يزيد عليه من الدعاء المشروع والطيّب الصحيح.

ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم كما ثبت عن بعض الصحابة رضي الله عنهم في آخر قنوت الوتر، منهم: أُبي بن كعب، ومعاذ الأنصاري رضي الله عنهما. [تصحيح الدعاء للشيخ بكر أبو زيد ص460]

 

- قنوت النوازل يدعو بما يناسب الحال كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لعن قبائل من العرب غدروا بأصحابه وقتلوهم، ودعا للمستضعفين من المؤمنين بمكة أن يُنجيهم الله تعالى، وورد عن عمر أنه قنت بهذا الدعاء: ( اللهم إنا نستعينك ونؤمن بك، ونتوكل عليك ونثني عليك الخير ولا نكفرك، اللهم إياك نعبد، ولك نصلي ونسجد، وإليك نسعى ونحفد، نرجو رحمتك ونخشى عذابك، إن عذابك الجدَّ بالكفار مُلحق، اللهم عذِّب الكفرة أهل الكتاب الذين يصدون عن سبيلك " رواه البيهقي 2/210 وصححه الألباني في الإرواء 2/170 وقال الألباني: ( هذه الرواية ) عن عمر في قنوت الفجر، والظاهر أنه في قنوت النازلة كما يُشعر به دعاؤه على الكفار.

فإن قلت: هل يمكنني أن أدعو بغير ما ذُكر ؟

فالجواب:

نعم، يجوز ذلك، قال النووي في المجموع (3/497): الصحيح المشهور الذي قطع به الجمهور أنه لا تتعين بها ( أي بهذه الصيغة )، بل يحصل بكل دعاء.

وبما أنَّ الصيغة الواردة لا تتعين بذاتها، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يدع بها، فلا حرج من الزيادة عليها، قال الشيخ الألباني رحمه الله: " ولا بأس من الزيادة عليه بلعن الكفرة ومن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، والدعاء للمسلمين " [قيام رمضان للألباني 31].

 

- دعاء القنوت سنة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقنت، وقد علم الحسن القنوت وكلمات القنوت في الوتر، فهو سنة، فإذا قرأت في كل ليلة فلا بأس، وإن تركت في بعض الأحيان حتى يعلم الناس أنه ليس بواجب.

 

- أكثر الأحاديث والذي عليه أكثر أهل العلم: أن القنوت بعد الركوع، وإن قنت قبل الركوع فلا حرج، فهو مُخير بين أن يركع إذا أكمل القراءة، فإذا رفع وقال: ربنا ولك الحمد قنت... وبين أن يقنت إذا أتم القراءة ثم يُكبر ويركع، كل هذا جاءت به السنة " [الشرح الممتع، ابن عثيمين 4/64. وانظر موقع الإسلام سؤال وجواب: فتوى رقم 20031]

 

- لا بأس للمصلي إن طال قيامه في الصلاة أن يعتمد على إحدى رجليه تارة، وعلى الأخرى ؛ ليريح نفسه، وتسمى هذه الفعلة "المراوحة"، على أن لا يقدِّم رجلاً على أخرى، فتكون رجلٌ مع الناس وأخرى متقدمة أو متأخرة عنهم، والمراوحة جائزة لمن له عذر، ومكروهة من غير عذر.

 

- ليس في السنة النبوية دعاء خاص بعد ختم القرآن الكريم، ولا حتى عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أو الأئمة المشهورين، ومن أشهر ما ينسب في هذا الباب الدعاء المكتوب في آخر كثير من المصاحف منسوباً لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، ولا أصل له عنه.

 

- لا ينبغي القول إن صلاة الترويح نافلة مطلقة فيجوز أن تؤدى في أي ليلة وجماعة؛ لأن صلاة التروايح مقصودة لشهر رمضان، ومصليها يقصد الأجر المترتب على قيامه، والجماعة فيها ليست كحكم الجماعة في غيرها، فيجوز في رمضان أن يصلى قيامه جماعة في كل ليلة مع الإعلان والتشجيع عليه، بخلاف القيام في غيره فإنه لا يسن إلا ما جاء من غير قصد أو بقصد التشجيع والتعليم، فيسن أحياناً دون الالتزام بفعله دائماً.

قال الشيخ محمد الصالح العثيمين –رحمه الله-: التَّراويحَ في غير رمضان بِدْعةٌ، فلو أراد النَّاس أنْ يجتمعوا على قيام الليل في المساجد جماعة في غير رمضان لكان هذا من البِدع.

 

 

جمع وترتيب


د/ خالد سعد النجار


alnaggar66@hotmail.com