السبت، 22 يونيو 2013

سلوا الله العفو والعافية في الدنيا والآخرة




عن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله علمني شيئا أسأله الله، قال: (سل الله العافية) فمكثت أياما ثم جئت فقلت: يا رسول الله علمني شيئا أسأله الله، فقال لي: ( يا عباس، يا عم رسول الله، سل الله العافية في الدنيا والآخرة ) (1)

«لأن أعافى فأشكر أحب إلي من أن أبتلى فأصبر» .. بهذه الكلمات الندية الجلية كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه يعلن بين صحابة النبي صلى الله عليه وسلم رؤية الإسلام الواضحة تجاه قضية السراء والضراء .. قضية البلاء والابتلاء، ليكشف للدنيا كلها وسطية هذا الدين ومنهجه المتوازن المتناسق في كل أبعاده مع كيان الإنسان .. هذا الإنسان الضعيف الذي قد تخدعه بعض لحظات الصفاء فيتمنى لو طهره الله من الذنوب في الدنيا فيعجل له البلاء والعقوبة، وهيهات أن يكون تمني البلاء مما يرضاه الله تعالى ولا رسوله صلى الله عليه وسلم .. بل باب التوبة والعافية خير وأبقى، هذا فضلا على أن المرء لا يعلم مآل أمره إذا تمنى البلاء هل يصبر أو يضعف .. بل إن تمنى البلاء فيه من صورة الإعجاب بالنفس والاتكال على القوة والوثوق بها وترك الاستعانة بالله تعالى، فنسأل الله العافية والسلامة التي لا يعدلها شيء.    
يقول ابن الجوزي: «السعيد من ذل لله وسأل العافية، فإنه لا يوهب العافية على الإطلاق، إذ لابد من بلاء، ولا يزال العاقل يسأل العافية ليتغلب على جمهور أحواله، فيقرب الصبر على يسير البلاء، وفي الجملة ينبغي للإنسان أن يعلم أنه لا سبيل لمحبوباته خالصة، ففي كل جرعة غصص، وفي كل لقمة شجأ، وعلى الحقيقة ما الصبر إلا على الأقدار، وقل أن تجري الأقدار إلا على خلاف مراد النفس، فالعاقل من دارى نفسه في الصبر بوعد الأجر، وتسهيل الأمر، ليذهب زمان البلاء سالما من شكوى، ثم يستغيث بالله تعالى سائلا العافية، فأما المتجلد فما عرف الله قط، نعوذ بالله من الجهل به، ونسأله عرفانه إنه كريم مجيب» (2)  
قال المباركفوري في شرح الترمذي: في أمره صلى الله عليه وسلم للعباس بالدعاء بالعافية بعد تكرير العباس سؤاله بأن يعلمه شيئا يسأل الله به، دليل جلي بأن الدعاء بالعافية لا يساويه شيء من الأدعية ولا يقوم مقامه شيء من الكلام الذي يدعى به ذو الجلال والإكرام، والعافية هي دفاع الله عن العبد، فالداعي بها قد سأل ربه دفاعه عن كل ما ينويه، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينزل عمه العباس منزلة أبيه، ويرى له من الحق ما يرى الولد لوالده، ففي تخصيصه بهذا الدعاء وقصره على مجرد الدعاء بالعافية تحريك لهمم الراغبين على ملازمته، وأن يجعلوه من أعظم ما يتوسلون به إلى ربهم سبحانه وتعالى، ويستدفعون به في كل ما يهمهم، ثم كلمه صلى الله عليه وسلم بقوله: «سل الله العافية في الدنيا والآخرة» فكان هذا الدعاء من هذه الحيثية قد صار عدة لدفع كل ضر وجلب كل خير، والأحاديث في هذا المعنى كثيرة جدا. (3)
وقال الجزري في عدة الحصن الحصين: «لقد تواتر عنه صلى الله عليه وسلم دعاءه بالعافية، وورد عنه صلى الله عليه وسلم لفظا ومعنى من نحو من خمسين طريقا» ومن أشهر هذه الأحاديث الصحاح قوله صلى الله عليه وسلم: ( ما سُئل الله شيئا أحب إليه من أن يُسأل العافية ) (4) وقال صلى الله عليه وسلم: ( سلوا الله العفو والعافية، فإن أحدا لم يعط بعد اليقين خيرا من العافية ) (5)
  قال المناوي: ( سلوا اللّه العفو والعافية ) أي واحذروا سؤال البلاء ( فإن أحداً لم يعط بعد اليقين خيراً من العافية ) أفرد العافية بعد جمعها لأن معنى العفو محو الذنب، ومعنى العافية السلامة من الأسقام والبلاء فاستغنى عن ذكر العفو بها لشمولها، ثم إنه جمع بين عافيتي الدنيا والدين لأن صلاح العبد لا يتم في الدارين إلا بالعفو واليقين، فاليقين يدفع عنه عقوبة الآخرة، والعافية تدفع عنه أمراض الدنيا في قلبه وبدنه (6)
وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم: ( اللهم أنت خلقت نفسي وأنت توفاها، لك مماتها ومحياها، إن أحييتها فاحفظها، وإن أمتها فاغفر لها، اللهم إني أسألك العافية) (7)
بل لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدع هؤلاء الدعوات حين يمسي وحين يصبح: ( اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي، اللهم استر عورتي وآمن روعاتي؛ اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي، وعن يميني وعن شمالي، ومن فوقي، وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي ) (8)
وقال صلى الله عليه وسلم في دعائه يوم الطائف: ( إن لم يكن بك على غضب فلا أبالى، غير أن عافيتك أوسع لي ) فلاذ بعافيته كما استعاذ بها في قوله صلى الله عليه وسلم: ( أعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك ) (9)
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم عاد رجلا قد جهد حتى صار مثل فرخ [أي ضعف] فقال له: ( أما كنت تدعو، أما كنت تسأل ربك العافية ) قال: كنت أقول اللهم ما كنت معاقبي به في الآخرة فعجله لي في الدنيا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( سبحان الله إنك لا تطيقه، أو لا تستطيعه، أفلا كنت تقول: اللهم آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار ) (10)
وكان عبد الأعلى التيمى يقول: «أكثروا من سؤال الله العافية، فإن المبتلى وإن اشتد بلاؤه ليس بأحق بالدعاء من المعافى الذي لا يأمن البلاء، وما المبتلون اليوم إلا من أهل العافية بالأمس، وما المبتلون بعد اليوم إلا من أهل العافية اليوم، ولو كان البلاء يجر إلى خير ما كنا من رجال البلاء، إنه رُب بلاء قد أجهد في الدنيا وأخزى في الآخرة، فما يؤمن من أطال المقام على معصية الله أن يكون قد بقى له في بقية عمره من البلاء ما يجهده في الدنيا ويفضحه في الآخرة».
ولما كانت الصحة والعافية من أجل نعم الله على عبده وأجزل عطاياه وأوفر منحه، بل العافية المطلقة أجل النعم على الإطلاق، فحقيق لمن رزق حظا من التوفيق مراعاتها وحفظها وحمايتها عما يضادها، فعن عبد الله بن مِحْصَنٍ الأنصاري رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أصبح معافى في جسده، آمنا في سربه، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا» (11)
الحواشي
(1) رواه الترمذي في سننه، كتاب الدعوات رقم 3514، والشوكاني في الفتح الرباني 11/5516 وقال روي بأسانيد ورجال بعضها رجال الصحيح – غير يزيد بن أبي زياد وهو حسن الحديث، والحديث صححه الألباني في صحيح الترمذي والسلسلة الصحيحة 4/29 (2) صيد الخاطر ص 233 (3) تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي للمباركفوري 9/395 بتصرف (4) رواه الترمذي رقم 3515 عن عبد الله بن عمر  (5) رواه أحمد والترمذي رقم 3558 عن أبي بكر. [صحيح الجامع 3632] (6) فيض القدير للمناوي 2/52 (7) رواه مسلم عن ابن عمر (8) رواه أبو داود رقم 5074 عن عبد الله بن عمر (9) رواه أبو داود رقم 879 عن عائشة (10) رواه الترمذي رقم 3487 (11) رواه الترمذي رقم 2347

د/ خالد سعد النجار

alnaggar66@hotmail.com






الخميس، 20 يونيو 2013

أهكذا تحكم الأمم؟!


 


سوريا تنتفض، وبشار أيضا ينتفض، والمحصلة مشاهد مروعة .. سحب دخان أسود تتصاعد من المدن السورية الجريحة جراء قذائف المدفعية الثقيلة، تلك المدفعية المخصصة للحصون العتيدة والمدرعات الحصينة، وليس لذوي الصدور العارية المؤلفة من لحم ودم.

طاغية سوريا يقدم كل يوم -قربانا لكرسي الحكم- قرابة المائة قتيل بجميع صنوفهم من أطفال أبرياء ونساء ضعيفات ورجال لا يحملون أي سلاح سوى هتافات «أرحل أرحل يا بشار»، وعدد القتلى تجاوز سبعة آلاف حسب التقديرات التخمينية، وإن بدا المشهد أكثر بكثير من هذه الأرقام، أما الجرحى فلا يعلم عددهم إلا الله تعالى، والعدد مرشح للازدياد، ويقترب من كسر حاجز الألف بوتيرة متسارعة، لكنه عموما يتضخم بصورة بشعة، ويقترب من ضحايا العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة في عملية الرصاص المسكوب.

نعم المشهد متشابه، وفعل بشار نفس فعل العدو الصهيوني بإخواننا في فلسطين، مع فارق ربما يكون بسيطا في عرف بشار، ألا وهو رباط الدين والملة الإسلامية الواحدة التي تجمع بين الذابح والذبيحة!!

والإيرانيون بقيادة خامنئي المرشد الأعلى للثورة الإسلامية!! هذا الإمام الناسك الذي يظهر دائما في هيئة الزاهدين، وصاحب المواعظ والترانيم .. كل هذا لم يشفع للأبرياء لديه وزن خردلة، ولم يزحزح الدعم الإيراني لبشار قيد أنملة، بل كانت لغة المصالح السياسية أفصح من لغة الدم، ورابطة الولاء النفعي أقوى من كل روابط الدين، فأرسلت إيران سفينتين بحريتين إلى سورية رست على الموانئ السورية، وأفرغت حمولتها المجهولة والمعلومة في ذات الوقت للجميع، فبالطبع لم تكن معونات غذائية أو طبية لآلاف من الجرحى والمنكوبين، ولم تكن زهور النصر المبين، بل -بواقع الأمر- المزيد من الذخائر والأسلحة الفتاكة لبشار حليف العباءة الشيعية.

وجه الشبه كبير بين بشار والعدو الصهيوني، فكلاهما لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة، ويستخدمون سياسة الأرض المحروقة .. الصهاينة من أجل وجودهم، وبشار من أجل كرسيه، وكلاهما يستأسد على شعب أعزل، ففي حرب تموز بين حزب الله والصهاينة كشفت المعارك الشرسة عن وهن القدرة القتالية الصهيونية، وأنهم كما وصفهم القرآن لا يقاتلوننا إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر، أما بشار فلقد صدأت آليات جيشه طيلة فترة حكمه وحكم أبيه من قلة الاستخدام، رغم أن الجولان المحتل يجأر بالاستغاثة، ويستنجد بالمحررين، ولم تخرج الجيوش السورية المغوارة من ثكناتها إلا لقتال فلذات أكبادها، بوحشية الحاقد الكاره الخسيس.

الآن بان للعيان لمن توجه دانات المدافع وراجمات الصواريخ، والهدف من الميزانيات الجبارة لشراء السلاح وتدعيم الجيوش العربية، ولماذا الملف الأمني هو رأس الأولويات في سياسة الحكومات العربية، وما بعده يهون .. إنها الجيوش العربية القمعية لا التحريرية، المعنية بحراسة كراسي الحكم لا حراسة الحدود والسهر على سيادة الأمة وعزتها.

صفقات سلاح فلكية، وسباق استحواذ على أرتال من الآليات والطائرات وسائر المعدات الحربية، وكأننا في الصبح القريب سنغير على الصهاينة ونحرر القدس السليب، أما رواتب العسكر فحسابها مفتوح، فضلا على حرص الزعماء العرب على تدشين احتفالية سنوية كبيرة عند تخريج دفعة من الضباط، يحضرونها بأنفسهم ولا ينوب عنهم ولي عهد ولا نائب رئيس .. تزلفا وتحايلا لضمان الولاء، والضرب دون تردد في أي فرد بالأمر المباشر.

الدولة البوليسية العربية تفوقت بامتياز في عهد الفشل العربي في كافة القطاعات السياسية والاقتصادية والإنتاجية والتعليمية .. وأجهزة المخابرات العربية تضارع مثيلاتها الأوروبية، أما الوزراء العرب فلم يتفقوا أو يتحدوا يوما كما اتحد وزراء الداخلية العربية، حيث التقت قلبوهم على الكيد لشعوبهم، وتناولوا كافة المعلومات الأمنية بكل مصداقية وشفافية.

الآن فهمنا لمن العروض العسكرية ووزارات الداخلية والجيوش العسكرية، فهمنا من يكيد لنا غير أعدائنا، أو بوضوح أكثر من هم أعداء الداخل الموالون لأعداء الخارج .. إنهم تلك الشرذمة التي أصابتها لعنة كرسي الحكم، فأصبحت لا ترى في الوجود غيره، تعيش له فقط، والكل يهون في سبيله، والشعوب المغلوب على أمرها، تهتف بقلوب خائفة: «عاشت أمتنا العربية حرة مستقلة».

يقول الشاعر:

قلت لكم مرارا
إن الطوابير التي تمر في استعراض عيد الفطر والجلاء

فتهتف النساء في النوافذ انبهارا

لا تصنع انتصارا

إن المدافع التي تصطف على الحدود في الصحارى

لا تطلق النيران إلا حين تستدير للوراء.
إن الرصاصة التي ندفع فيها.. ثمن الكسرة والدواء

لا تقتل الأعداء

لكنها تقتلنا .. إذا رفعنا صوتنا جهارا

تقتلنا، وتقتل الصغارا !

 

 


د/ خالد سعد النجار


alnaggar66@hotmail.com

         

ادفعي زوجك دوما إلى النجاح


 الحياة ليست سهلة، والكفاح هو أحد جوانبها المثيرة والممتعة، والذي يحمل في طياته مزيجا من التعب والأمل ولذة الشعور بالإنجازات .. ومن أعظم الغبن أن تتركي -عزيزتي الزوجة- شريك حياتك وحده في رحلة الكفاح الأسري، وإياك والسلبية التي تجعلك تفقدينه ويفقدك، وبالتالي تفقدان معا كل معنى جميل للحياة الهانئة، فعيشي كفاح زوجك، وليكن كفاحكما شريفا من أجل غايات نبيلة لتشعرا بأنكما دائما وللأبد معا. 

 

·   ذكري زوجك دائماً باستحضار النية الصالحة في كل عمل، فهي الوقود الرباني الذي يشحذ الهمم الصادقة، ولا تدفعيه لشيء فوق طاقته، فيلجأ لطريق حرام، أو طريق فيه شبهة لتلبية طلباتك، ولتكن وصيتك دائماً عين وصية تلك المرأة الصالحة التي قالت لزوجها: «اتق الله فينا، ولا تطعمنا إلا حلالاً، فإننا نصبر على الجوع في الدنيا، ولا نصبر على النار في الآخرة».

·   لا تضجري من عمل زوجك، وانشغاله عنك في بعض الأحيان، فإن أسوأ ما تصنع بعض النساء هو إعلان الضجر من عمل الزوج. الإعلان يكون عادة في زوبعات النكد، والدأب على الشكوى في كل مقال ومجال، واتهام الزوج بإهمالها، واللجوء إلى بيت أبيها غضبى. 

·   المرأة الذكية هي القادرة على القيام بأدوار متعددة في حياة الرجل، وتفرض نفسها في حياته بإيجابياتها المتنوعة .. فهي أحياناً أم ترعى طفولته الكامنة، وأحياناً أنثى توقظ فيه رجولته، وأحياناً صديقة تشاركه همومه وأفكاره وطموحاته، وأحياناً ابنة تستثير فيه مشاعر أبوته .. وهكذا، وكلما تعددت وتغيرت أدوار الزوجة في مرونة وتجدد فإنها تسعد زوجها، كأي طفل يسأم لعبه بسرعة ويريد تجديداً دائماً، أما إذا ثبتت الصورة، وتقلصت أدوار المرأة في تنظيف المنزل والعكوف في المطبخ فإن هذا نذير بتحول اهتمام الزوج المرهق نحو ما هو جذاب ومثير وجديد.

·   احرصي أن تملكي لساناً حلواً عذباً ينشر عبق السعادة والارتياح في كل أرجاء حياتكما الزوجية، وابتعدي قدر ما تستطيعين عن الألفاظ المحبطة التي تثبط العزيمة وتفتر الهمة، وتجعل الحياة الزوجية تتراجع إلى الوراء.

·   انتبهي لأفعاله لا لمظهره، فالرجال بحكم أنهم جبلوا فطريا على حب التنافس فيما يفعلون وفي مقدار ما يحققون من إنجازات مهنية، فإنهم يميلون نحو المديح الذي يستهدف إنجازاتهم أكثر من ملامحهم التي خرجوا إلى الدنيا بها أو ملابسهم التي يشترونها، بحسب ما تقول (جوان إليسون) مؤلفة كتاب "الجنس .. تاريخ طبيعي". وبعبارة أخرى، فإن مديحك لزوجك على عمل أنجزه بنجاح يجعله يشعر أفضل مما لو تكلمت عن شعره المجعد. 

·   من الطبيعي أن الرجل يأوى إلى البيت للاستراحة من إرهاق العمل والضوضاء والصياح .. معنى هذا أن الزوجة يجب أن تحافظ على الهدوء في البيت قدر الإمكان ولا تثير الضجيج والصياح، وأن تتكلم بهدوء ووقار. وإذا كان لديها أمر يستلزم رفع صوتها، فمن الأفضل أن تقترب حتى تتكلم بصوت منخفض قدر الإمكان، وهذه أحد أهم مفردات السكن المنوط بالحياة الزوجية السعيدة.

·   من المهم أيضا توفير الجو الملائم للزوج لمساعدته على التفكير والتخطيط للعمل، وهو هادئ النفس، مرتاح البال .. ساعديه في حصر كل ما يحتاج إليه لإنجاز أعماله الذي يقوم بها، وشاركيه في وضع خطة مرحلية يتم فيها إنجاز شيء مهم للأسرة خلال فترة مناسبة.

·   دعوة المساواة في تحمل المسئوليات هي دعوة تخلو من أي فهم لطبيعة العلاقة بين الزوج والزوجة التي قامت على التناغم والتكامل لا الندية والمنافسة .. فلا ينبغي أن ينظر كل طرف للآخر على أنه ند، فالعلاقة الزوجية الطبيعية خالية من أي شبهة تحدٍّ أو ندية، ولا يمكن أن يكون هناك تطابق في طبيعة المرأة والرجل، فهما مختلفان تشريحياً وفسيولوجياً ونفسياً. والرجل يهتدي لمسؤولياته كرجل بفطرته السوية، وكذلك المرأة، فليتحمل كل منكما مسؤولياتـه، وليحمل أي منكما الآخر على كتفيه إذا كان هذا الآخر عاجزاً عن تحمل قدر من مسؤولياته .. فالزواج ليس شركة وليس مؤسسة وليس تجارة، وإنما هو حب وتعاون وتكامل وحياة مشتركة ومصير واحد.

·   لا تدخلي معه في الصباح في مناقشات أسرية، حتى ولو كانت ضرورية وهامة بنظرك‏,‏ فهذه الفترة المبكرة في أول النهار لا تسمح بأي مجادلات قبل توجهه للعمل، وأي مشكلة يمكن مناقشتها معه في فترة ما بعد الظهر بعد تناول طعام الغداء وأخذ قسط من الراحة‏، أو في فترات السمر المسائية .. تمني له يوما سعيدا قبل مغادرته المنزل، مع رسم ابتسامة مشرقة علي ملامح وجهك‏‏ تمده بشحنة من القوة العاطفية طوال اليوم، وعند عودته احرصي علي استقباله بوجه بشوش‏,‏ واعلمي أن الرجل طفل كبير يسعده أن يشعر باهتمامك,‏ وبحرصك علي إرضائه.

·   كوني دقيقة في فهم احتياجاته ليسهل عليك المعاشرة الطيبة دون إضاعة وقت، فالثرثرة كما هي كلامية منها أيضا السلوكية، والرفيق المزعج أو الغير متفهم من أشد الثقلاء على النفس.

·       كوني أيضا متفاعلة مع أحواله المزاجية، ولكن ابتعدي عن التكلف.

·       اضبطي مناخ البيت وفق مواعيده هو، ولا تشعريه بالارتباك في أدائك للأمور المنزلية.

·   احرصي على إيجاد علاقة طيبة بين الأولاد والأب مهما كانت مشاغله، ولكن بحكمة دون تعطيل لأعماله أو تشويش لذهنه بمشاكل الصغار التي لا تنتهي.

·       أشعريه رغم انشغاله عن البيت بأنك تتحملين رعاية الأولاد بفضل دعائه لك، وباستشارته فيما يخصهم.

·   اهتمي بأوراقه وأدواته الخاصة وحافظي عليها، ونسقي كتبه وملفاته بدقة وبشكل طبيعي، دون أن تتفقدي ما يخصه طالما لا يسمح لك.

·   أشعريه دائما أن واجباته لها «الأولوية الأولى» مهما كانت مسؤولياتك وأعمالك، وتفقدي مواطن راحته سواء بالحركة أو الكلمة، واسعي إليها بروح جميلة متفاعلة.

·       عدم التردد أو التباطؤ عندما يطلب منك شيئا، بل احرصي على تقديمه بحيوية ونشاط.

·   أكثر ما يغيض الأزواج إشعار الزوجات بأن محاولتهم لكسب الرزق هو دور طبيعي لا يستحقون الشكر عليه، فلا تكوني تلك الزوجة.

·   كوني قانعة راضية، فالحياة دوما تتقلب بين يسر وعسر، واحرصي على عدم الإسراف بحيث لا تتجاوز المصروفات الواردات.

·   حافظي على أموال زوجك، ولا تنفقي شيئا من ماله إلا بإذنه، وبعد أن تستوثقي من رضاه .. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تنفق امرأة شيئا من بيت زوجها إلا بإذنه) قيل: يا رسول الله ولا الطعام؟ قال: (ذلك أفضل أموالنا) [رواه الترمذي بسند جيد]. وإذا أعسر زوجك فتصدقي عليه من مالك، وإن لم يكن لك مال، فاصبري على شظف العيش معه لعل الله تعالى يفرج عليكما.

·   إذا حصل زوجك على مبلغ إضافي خلال الشهر كمنحة أو مكافأة أو غير ذلك فلا تصرفي هذه الزيادة .. بل اقتصديها ووفريها للاحتياجات المستقبلية الغير متوقعة.

 


 د/ خالد سعد النجار


alnaggar66@hotmail.com