الأربعاء، 24 أبريل 2013

المليك وهواية جمع الأوباش!!


أن ترى محترف جمع طوابع فهذا شيء عادي، بل هواية راقية وعريقة .. وأن ترى من هو مغرم بالعملات التذكارية والتحف الفنية فهذا ينم عن ذوق رفيع .. لكن أن ترى من لا هم له ولا همة عنده إلا في إيواء الأوباش الذين لفظتهم شعوبهم ولعنتهم قلوبهم فهذا مما لا أجد مبررا له من ذوق أو حس أو مبدأ أو أي قيمة تذكر .. وأعجب من هذا أن يخرج صاحب هذه الهواية العفنة بتبرير هذا السلوك الشائن بمبررات هي أشد وقاحة من سلوكياته النكراء، حيث قال من يمثله: «إن الأخلاق العربية دأبت على أن المستجير يجار» .. هكذا وبكل بساطة؟!! ودون أدنى اعتبار للدماء التي أريقت! ولا للأمم التي انهارت من طول سنوات الاستبداد والقهر والفساد!.

إن حال «ملك السعودية» في هذه الأيام حال عجب، حيث احتضنت الطغمة الحاكمة من أبناء سعود الرئيس اليمني «على عبد الله صالح» والذي أصيب في حادث مجهول داخل قصره الذي تحصن به من شعبه الأعزل المسكين. وهذا ثاني رئيس تؤويه الأسرة الحاكمة في بلاد الحرمين بعد الرئيس التونسي «بن علي» ولو شئت لسميت الثالث، الذي حالت الأقدار دون انضمامه لشلة الفساد والإفساد، ألا وهو «حسني مبارك» عليهم جميعا من الله ما يستحقون.

وإيواء رئيس اليمن حدث في مشهد شديد التعقيد وعصي على الفهم، بل إن حالة الرئيس اليمني علي عبد الله صالح الصحية يكتنفها الغموض بسبب التعتيم الإعلامي المفروض من قبل السلطات السعودية حيث كان يرقد الرئيس اليمني في أحد مستشفيات الرياض.

أما التسريبات الإعلامية فليس لديها سوى النذر اليسير من الأخبار عن إصابة الرئيس اليمني بجروح خطيرة، وتعرض أكثر من نصف جسده للحرق، وتوقف إحدى رئتيه عن العمل، كما إن إحدى الشظايا تسببت في جرح عمقه سبعة سنتيمترات، وأن فترة علاجه ستطول.

ولعل ما هو أغرب من كل ذلك، هو غياب شبه كامل للمعلومات حول حقيقة ما حدث في المسجد الرئاسي يوم الجمعة الماضي (3/6/2011)، فلا أحد يستطيع أن يقدم صورة عما حدث في اللحظات الحرجة، فهل إصابات الرئيس اليمني ومساعديه مثل رئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس النواب نتجت عن صاروخ جرى إطلاقه من الخارج، أم هي محاولة اغتيال داخلية، أقدم عليها أحد حراس القصر من الموالين للثوار أو قبيلة حاشد التي يتزعمها الشيخ «صادق الأحمر» الخصم الرئيسي للرئيس؟

وتفيد الأخبار الشحيحة الواردة من وكالات الأنباء أن الرئيس اليمني الذي كان يتواجد في الرياض طريحا على سرير المرض، يتعرض لضغوط كبيرة من قبل مضيفته لتغيير موقفه، والقبول بالمبادرة الخليجية مع تقديم ضمانات سخية جرى عرضها عليه، بما في ذلك الحصول على مبالغ كبيرة من الأموال، ومنحه حصانة من أي ملاحقات قانونية من قبل خصومه .. وطبعا كلمة «خصومه» كلمة تنطوي على كثير من الخبث والدهاء، لتصوير الموضوع بأنه تصفية حسابات شخصية، والأمر في واقعه وحقيقته مغاير تماما، فليس للرئيس اليمني خصوم سوى أبناء شعبه المساكين الذين أذلهم وأفقرهم.

وهكذا دأب «المليك» كما يطيب له أن يسميه المداهنون من أبناء شعبه .. دأب على تحدي مشاعر الأمم المنكوبة التي ذاقت الويل والهوان من حكام استنزفوها لعقود وعقود، وفتح أحضان دولته لكل غاصب عربيد، مما لا أجد له مبررا ولا حتى في أعراف الشهامة والمروءة.

وبدلا من أن ينصف هذه الجموع المهضمومة المتشاركة معه في الدم والعرق واللغة والدين، ولا يفتح ذراعية -على الأقل- لهؤلاء الخونة، لا أقول يبادر لتسليمهم لشعوبهم كي تحاكمهم وتسترد أموالهم التي نهبوها منهم .. بدل كل هذا، آواهم وأمنهم من الملاحقات القضائية وضمن لهم أموالهم المنهوبة، مما لا أجد له تفسيرا إلا قول العرب قديما: «الطيور على أشكالها تقع».

لقد أبانت مثل هذه التصرفات عن المعدن الحقيقي لحكامنا الذين دأبوا على خداعنا بمعسول القول، والحديث عن الإنجازات الوهمية والإحصاءات الرقمية المفبركة، التي لم يلمسها رجل الشارع في يوم من الأيام، ومازالت القاطرة العربية بعد عقود وعقود من حكمهم وخطبهم الحماسية الرنانة في ذيل القائمة العالمية على الصعيد التكنولوجي والاقتصادي والسياسي...

ملك المملكة السعودية وأمرائها أنفقوا ثروات الدولة النفطية في تكميم الأفواه الناقدة وشراء الذمم الخربة وتدعيم الأنظمة الدكتاتورية بالمنح السخية التي تستر عيوبهم وتفضح عوارهم.

وليس ببعيد ذلك الموقف الشائن الذي أبان عنه «المليك» عندما امتعض أشد الامتعاض مما يلقاه حسني مبارك على يد شعبه، وأرسل رسالة ساخنة للأمريكان ينتقد مشاركتهم في إذلال صديقه الحميم مبارك، عندما تخلوا عنه أمام الموجة الشعبية العارمة التي أقالته، وكأن المليك يحترق كمدا وغيظا لأنه لم يستطع أن يضمه إلى شلة الفساد في بلاده، وهو من هو، الذي عاث في ديار مصر فسادا وتخربا وموالاة سافرة لأعداء شعبه من صهيونيين وأمريكيين، ما هو جلي للعين ولا ينكره إلا كل جاحد معلوم النفاق.

كما لا أنسى منذ أشهر قليلة ماضية، وقبل ربيع الثورات العربية، كيف استأسدت الطغمة الحاكمة في المملكة على النخبة الدينية فيها، وحظرت الفتوى إلا على هيئة كبار العلماء ثم وعدت بمشروع يقنن عملية الفتوى ولم يخرج علينا المشروع، وأغلقت العديد من مواقع الإنترنت الراقية التي كانت تنفع ملايين المسلمين (موقع الإسلام سؤال وجواب نموذجا)، ثم موجة الفتن العارمة التي تحدت مشاعر علماء المملكة، والتي أوعزت السلطات الحاكمة فيها للمشايخ الموالين لها بإثارتها، وما قصة رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي المنكر بمنطقة مكة ببعيدة.

ومع ربيع الثورات العربية، سرعان ما غير حكام المملكة جلدهم، وعادوا والتفوا حول علماء المملكة وهيئة كبار العلماء فيها، بل وظفروا منهم بفتوى تحرم الخروج على الحاكم، رغم مخالفة هذه الفتوى لروح الشريعة الإسلامية، وأن الثورات العربية في حقيقتها امتعاض سلمي من سنوات القهر والجوع والظلم، وليس فيها الخروج بالمعنى الشرعي المقصود، والذي يقوم على حمل السلاح وإثارة فتن ومقتلة عظيمة.. فالله أعلم بحقيقة هذه الفتوى، التي نعتقد أنها استخرجت تحت أسنة الرماح وعصا العقوبة الغليظة .. هذا غيض من فيض حول مثالب حكام المملكة على الصعيد الداخلي.

أما على الصعيد الخارجي فلا يفوتني التذكير بالتبعية المشينة للإدارة الأمريكية، وغض الطرف عن القضية الفلسطينية، وصفقات السلاح المبالغ فيها والتي ليس لها دافع سوى استمرار دوران عجلة المصانع الغربية وتدعيم اقتصادياتهم المتعثرة، ولا أنسى طبعا قلادة الملك عبد العزيز الذهبية التي أهديت بحفاوة لرموز جبابرة النظام العالمي من أمثال بوش وأوباما وغيرهم.

ملفات وذكريات وأحداث يندى لها الجبين، وتصرفات لا أجد لها تفسيرا غير العمالة والخيانة حتى ولو تسربل حكام المملكة ظاهريا بسربال الدين، الذي يأبى قطعا مثل هذه التصرفات.

 

 د/ خالد سعد النجار


alnaggar66@hotmail.com

 

 

 

 

 

     

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق