الجمعة، 12 أبريل 2013

روائع الكتابات من وحي ربيع الثورات العربية (5)


كثير من كتبوا عن ربيع الثورات العربية، لكن القليل منهم من خط بقلمه في لحظة صدق وإبداع جميل العبرات التي لمست كبد الحقيقة، وعميق التحليلات التي كانت هداية للمسترشدين، وخاطبت الحروف الموزونة المشاعر بجاذبية منقطعة النظير .. ولما كانت الكلمات الرائعة أغلى من الذهب، رأيت أن أجمعها في عقد فريد يلذ بمعايشته المطالع، ويأنس بحروفه المتابع، ويختصر للمنتفع الوقت والجهد.

 

·   غني عن البيان أن السجين لا يدافع عن السجن، وأن الذي حـُكم عليه ظلما بالأشغال الشاقة لا يضمر الحب لحراسه. وإذا أخذنا بعين الاعتبار موقع الوطن وطمع المستعمرين به، اتضحت لنا حدود الكارثة التي تسببت بها نظم الحكم العربية، على مدى عشرات السنين، قبل أن تتداعى وتتساقط، وتترك شعوبا أعاقت نموها وتطورها وسرقت ثرواتها وأودعتها في المصارف الغربية، في حال من الضعف والضياع، تحز في النفس ويتجرح القلب لها. فصار المستعمرون يظهرون حماسة في الدفاع عن الشعوب العربية، ويطالبون باحترام حقوقها، وبرفع يد حكامها الطغاة عنها. أين الفرق بين المستعمر والحاكم؟ [خليل قانصو]

·   الأحداث المتسارعة في المنطقة، بل وفي العالم أجمع هذه الأيام تبعث على التفاؤل والتشاؤم في ذات الآن.. إعادة بناء المكان يتطلب الهدم وللهدم ضحايا أبرزها الذاكرة. وزراعة الأرض تتطلب قلبها من أساسها.. والبركان الثائر الذي يبيد ما حوله يعود فيحولها جنان وواحات بعد سنين.. كما أن انقراض حيوانات معينة يتيح المجال لأصناف أخرى بالتكاثر والانتعاش.. إنها لحظة كونية مذهلة نعيشها اليوم ويعاد فيها التشكل والخلق للعالم الذي نعرفه. هي مثل مجموعة كبيرة من المشهيات التي سيجيء بعدها الطبق الكبير، الذي لا نعلم بعد إن كان مذاقه شهيا منعشا أم سما مدقعا أم كلاهما معا. [حمد نزال، عن مقال: ربيع العرب أم شفير الهاوية؟]

·   يبقى الرهان الحقيقي على صنع المستقبل سواء في مصر أو تونس أو اليمن أو سورية، على الشعوب وحدها دون غيرها في أن تكتب تاريخها الجديد بدمائها ونضالها وقدرتها على أن تحدد مصائرها ومسارها، فالشعوب هي السيد الجديد والوحيد في هذه اللحظة المجيدة من تاريخ العرب، وعلى الجميع الانحناء أمامها وفي مقدمتهم النخب والقوى السياسية التي نأمل أن تتحرر من خوفها وترددها وحساباتها الضيقة وتهافتها القديم، لعلها تقترب ولو قليلا من قامة أحلام شعوبها. [شحاتة عوض، عن مقال: النخب السياسية حين تتجاوزها أحلام الشعوب]

·   زين العابدين بن علي الرئيس الساقط بالتقادم الاستبدادي بقي 24 عاما في سدة الرئاسة التونسية، قضاها في إنتاج عبارة واحدة (الآن فهمتكم)، وحسني مبارك الرئيس الذي سقط أيضا، قضى (30) عاما أيضا رئيسا لأكبر دولة عربية، قضاها في إنتاج عبارة واحدة أيضا وجهها للشعب المصري (الآن عرفت تطلعاتكم) [مروان العياصرة عن مقال: من ينقذ أمريكا]

·   إن قيام الثورات أمر عظيم وصعب، ولكن وأدها يبقى أمرا ميسورا في حالة غياب الوعي والتشرذم والتفكك. شباب مصر مطالبون اليوم بالحفاظ على ثورتهم وإدامتها [د. سعد ناجي جواد، عن مقال: مصر التي تبكيني دائما.. وفي الغالب فرحا]

·   النفاق السياسي من أخطر الظواهر في النظام السياسي الدولي في الوقت الحاضر، وتستحوذ الولايات المتحدة على الشطر الأكبر منه خصوصا في تعاملها مع قضايا الشرق الأوسط. وعلى واشنطن أن تستعد لدفع فواتير خسائرها السياسية في مصر والبلدان العربية التي تتحرر من حكامها المستبدين، بثوراتها الشعبية ودماء شبابها التي تراق في أعمال الاحتجاج التي لا تتوقف [د. سعيد الشهابي، عن مقال: دعاة التغيير وأعداؤه من خلال الثورة المصرية]

·   كان لا بد للنظام أن يزول بعد أن ضيع المكانة وخرّب المكان، ومن ثم ارتكب بحق مصر جريمة تاريخية مضاعفة ينبغي ألا تنسى وألا تتكرر. [فهمي هويدي]

·   موقف الجامعة العربية القاضي بتعليق عضوية سوريا وتصعيد الضغوط عليها، وإن بدا في ظاهره متسقا ومتناغما مع نبض الشارعين السوري والعربي، فهو أيضا لا يخلو من نفاق سياسي كبير وبعد تآمري وراءه ما وراءه وله ما بعده. وإلا فلماذا تعلق عضوية سوريا ولا تعلق عضوية اليمن؟ هل يا ترى أن السبب يكمن في أن طاغية سوريا أكثر إجراما وسفكا للدماء من طاغية اليمن؟ أم ربما لأن دماء سوريا الزكية المسفوحة ظلما وعدوانا أزكى وأطهر من دماء اليمن الزكية والطيبة أيضا؟

لا شك أن حسابات جلِّ من صَوّتَ على تعليق عضوية سوريا لا تعترف بحرمة الدمين السوري واليمني. ولكن في السياق السوري فإن ثمة تصفية لحسابات قديمة مع سوريا من قبل أنظمة أغضبتها مواقف سابقة لسوريا اتسقت فيها مع نبض الشارع العربي (كموقفها من العدوان على العراق، ولبنان، وغزة... مرة أخرى مع ضرورة التأكيد على أن هذا ليس تصديقا وتبريئا لنوايا وحسابات النظام في كل تفاصيلها ودوافعها حينئذ).

فتلك الأنظمة التي وقف كثير منها في "محور الاعتدال" العربي مع أميركا وإسرائيل أغضبتها حينئذ المواقف السورية التي انتمت إلى "محور الممانعة" في المنطقة، وهم اليوم يردون الصاع صاعين إلى النظام الذي أزعجتهم مواقفه في الأمس، ووصل الحد برئيسه، بشار الأسد، إلى أن يصف بعض زعماء أنظمة "الاعتدال" العربي حينئذ بأشباه الرجال.

مسألة أخرى هامة، هل يستقيم أن تصوت أنظمة عربية لا تقل دكتاتورية عن نظام سوريا على عزل ومعاقبة الأخير لأنه ولغ في دماء شعبه!؟ أوليس جُلُّهُم طغاة من ذات الطينةّ؟ وهل يا ترى لو تحركت الحشود الشعبية في دولهم لإسقاط أنظمتهم أما كانوا سيقابلونها بذات القمع والإجرام!؟ إن هذا لقمة النفاق السياسي [أسامة أبو رشيد، بتصرف يسير]

·       الولايات المتحدة الأمريكية لا تريد حلفاء، بل تريد عبيدا. [الرئيس الروسي السابق فلادمير بوتين]

·   أيها الناس.. اعلموا أن ما تم في اليمن بعد عام من الثورة هو أن هذا البلد سُلَّـم لمن سلموه لآخرين، وأنَّ استعادته يعني القيام بثورة على من سلموه، وبأخرى على من استلموه. [عبد الرزاق الجمل]

·   العُرب لا يعرفون الذل والهوان، ولكنه الصبر حتى اللحظة المواتية، هذه اللحظة دامت أكثر من أربعين عاماً، لا بأس، ولكنها حانت، رائعة، كالحلم الجميل الذي لا نهاية له. لم تكن هذه العروس البكر –الحرية- بلا مهر، بل كان مهرها غالياً جداً، دماء زكية لشهداء شباب بالآلاف، صعدوا منتشين بالنصر لتمتلئ حدائق وساحات الوطن بشقائق النعمان والياسمين، الشهداء يبتسمون الآن راضين، ونحن تدمع أعيننا قائلة لهم: شكراً ـ أعدتم لنا .. حياتنا. [خليل قطاطو]

·   إن الكراسي الناعمة التي التحمت بأجساد الحكام، هي سبب الفتن المشتعلة في عالمنا العربي، وبسبب هذه العلاقة الحميمة بالكرسي فإن الحاكم قد يتجرد، في لمح البصر، من الأخلاق والدين والعادات وحتى الرابطة الدموية التي تجمعه بعائلته، من أجل أن لا يتزحزح الكرسي عن موضعه، لأن تزحزحه يعني منطقيا سقوط الحاكم على الأرض، ذلك أن الكرسي أصبح أشبه بالمرآة التي تلازمه أينما حل وارتحل .. كل هذا الذي يقع، هذه الأيام، في عالمنا العربي من حمامات دماء وتقتيل وتنكيل بالأطفال الصغار والشباب والرجال والنساء على حد السواءـ فهو من وحي «الكرسي» الذي أقام معه الحكام العرب علاقة عشق وهيام، ومن ثم أضحى الأمر مستعصيا على الحكام في التخلي عن الحبيب/الكرسي، وبات ارتباطهم بهذا الأخير ارتباطا غير قابل للانفصال مهما كلفهم الأمر، وعليه، فسطوة الكرسي، للأسف الشديد، لم ينج منها أحد من الحكام العرب، في عالمنا المعاصر، ولهذا، تراهم لا يتنازلون قيد أنملة عن منصبهم لأحد من أقربائهم، رغم أن عظامهم شاخت، ورؤوسهم اشتعلت شيبا [إبراهيم الجابري]

·   لقد آن الأوان لباقي الحكام، بعدما تصدعت كراسي آخرين، أن يلتقطوا الدروس المستوحاة من انتفاضات الشعوب العربية، بغية تغيير ذهنياتهم حيالهم والإنصات إلى إحباطاتهم النفسية ومشاكلهم الاجتماعية المفجعة، لأن مقولة «جوع كلبك يتبعك» التي كان يؤمن بها الحكام العرب، أصبحت، بفضل الصحوة الشعبية، متجاوزة ولا قيمة لها في تاريخنا المعاصر، ذلك، أن الشعوب العربية لم تعد تفكر في «أنين البطن»، بعدما كبلتها مفاهيم الحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة، ودفعتها إلى التضحية بأرواحها من أجل التأكيد على هذه المفاهيم النبيلة، والضغط على الحكام كي يجعلوها واقعا ماثلا أمام أعينهم، فلا شك، أن هذا الربيع العربي البهيج جاء لتنقية المجال العربي من كل الجراثيم الضارة التي تكدست ردحا طويلا من الزمن في كل مؤسسات الدولة، فهو أشبه بمبيد مضاد للحشرات، الشيء الذي يجعل الشعوب كلها تقبل عليه بلهفة، للاستفادة من فعاليته العالية، ونتمنى أن يتكرر الربيع العربي كلما ضاقت السماء ذرعا بالفساد الإداري والسياسي والاقتصادي والاجتماعي. [إبراهيم الجابري]

·   مشكلة الثورة ليست في مرشح معين للرئاسة يأتي لينقذها من فوق جواده؛ لكن مشكلتها تنحية وصاية العسكر عبر نضال ثوري وسياسي. لهذا فمصر تحتاج لمشروع ثوري لا رئاسي خصوصا أن نظام الوصاية سيحرص على جعل الرئيس القادم طرطورا: دستوريا (بالأخذ من صلاحياته)، وسياسيا (بتفاهم العسكر مع القوى السياسية على مرشح بعينه في أكبر تهديد للديمقراطية وفرص تنحية العسكر). [د. محمد بريك]

 

جمع وترتيب


د/ خالد سعد النجار


alnaggar66@hotmail.com

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق