الجمعة، 5 أبريل 2013

روائع الكتابات من وحي ربيع الثورات العربية (2)


 

كثير من كتبوا عن ربيع الثورات العربية، لكن القليل منهم من خط بقلمه في لحظة صدق وإبداع جميل العبرات التي لمست كبد الحقيقة، وعميق التحليلات التي كانت هداية للمسترشدين، وخاطبت الحروف الموزونة المشاعر بجاذبية منقطعة النظير .. ولما كانت الكلمات الرائعة أغلى من الذهب، رأيت أن أجمعها في عقد فريد يلذ بمعايشته المطالع، ويأنس بحروفه المتابع، ويختصر للمنتفع الوقت والجهد.

 

·   وللحظة نغمض أعيننا ونتساءل: كيف عشنا وحُكمنا كعرب قرابة نصف قرن على النحو من التّقريد الذي استحق فيه الجنرال وحاشيته وفقهاء ملذاته ومحترفو الدفاع عن خطاياه براءة اختراع لأنهم عاشوا عقودا رغما عن التاريخ وعنّا جميعا، وكأن كل رغيف أو قطرة زيت أو حفنة شاي كنا نتعاطاها كانت ملغومة بمخدر؟، وإلا كيف تواصل ذلك السبات؟وبأية معجزة تحولت الهزائم إلى أوسمة، وأضيفت نقطة إلى العار كي يصبح غارا على رؤوس خاوية لا هاجس لها إلا البقاء على قيد السّلطة حتى لو كان ثمن ذلك ابتلاع خوازيق الأعداء كلها طواعية وعن طيب خاطر؟ [زنازين لها أجنحة!.. خيري منصور]

·   والسؤال الذي لا يقبل التأجيل هو: مَن ساهم في صياغة تلك النظم وقام بتجميلها ودافع عن أخطائها؟ وهل كان الديكتاتور سيقوى على البقاء رغم صولجانه الذي قضمه السوس لولا هؤلاء الذين حولوا أعناقهم إلى أعتاب؟ [زنازين لها أجنحة!.. خيري منصور]

·   أحال النظام المرتهن والمصاب بشلل الوعي مساحة قارة مأهولة بأكثر من ربع مليار إنسان إلى قبر جماعي، ولم يخطر ببال الجنرالات الوسطاء ودببة الإعلام والثقافة التي تشتبك مع الذباب على أنوف السادة أن القيامة كانت قاب بلدين وربما أدنى من الحدوث، فالعدوى الزلزالية لم تنفع معها المصدات، وأخفقت قناطير العلاج لأنها أتت في الربع ساعة الأخير، بعد أن صاغته دراهم الوقاية، وسرعان ما تكشف أن الطواويس هي مجرد ريش ملون ومنفوش، وأن لحمها الضئيل لا يقوى على الدفاع عن مزاعم البطولات. [القادمون من قبر جماعي!.. خيري منصور]

·   إن تسمية هذه العشوائية العربية بدءا من السياسة حتى الثقافة نظام هي من باب المجاز، فلا يحقق الحدّ الأدنى من أي نظام من لا سياق له أو نسق، ومن تتلخص إستراتيجيته في عبارة واحدة هي ما يقع من السماء تتلقاه الأرض .. هذه العشوائية ذات الأسماء المستعارة حوّلت ملايين العرب إلى متسولين، على الأقل بمقياس سايكولوجيا التسول التي تجعل الكائن يعيش من وجبة إلى وجبة، فهو المنبتّ الذي لا استقلالا قطع ولا حرية أبقى.. ونحن في غنى عن استحضار مقولات وأشعار ومواعظ يعج بها تاريخنا عن مصير أمة إذا جهّالها سادوا. [القادمون من قبر جماعي!.. خيري منصور]

·   لقد حقق ممثلو المندوب السامي بعد نصف قرن مما سمي الاستقلال شبه المعجزة عندما نقلوا الأصفار عن يمين الرقم العربي إلى يساره وحولوا أمة إلى حاصل جمع أصفار كي يسهل الاستفراد بها وبما تعج به الأرض في باطنها وعلى سطحها، حققوا وحدة عربية معكوسة، ومن طراز كوميدي شديد السواد، فانتهينا إلى التنافس على أدنى مرتبة أكاديمية في العالم وعلى أقل متوسط دخل في الكون، وعلى أعلى رقم من الأميين والسجناء والعاطلين في هذا الكوكب. [القادمون من قبر جماعي!.. خيري منصور]

·   وصفة مبارك في الاستتباع قامـــــت على إتاحة الاتجار في الأرض، وخلطــة القـــــذافي في استباحة ما تخرجه الأرض، كلاهما احتـــــقر قدرات الشعب كقوة إنـــــتاج فهمشه واحـــــتكر ثروته للقلة التي حمـــــلت في مصر اسم (حزب) بحراسة جهاز شرطة فاسد، وحملت في ليبــــيا صفة (اللجــــان الشعبــــية) التي تفــــي بخلطة الهبل مع الشيطـــــنة، وتطلق يد عصابات من الشعب ضد الشعب، ليبقى القذافي فوق الجميع متعاليا كإله يوحي ولا ينزل إلى الأرض فيحكم أو يتعرض للخلع عندما يختنق شعبه.[عزت القمحاوي، عن مقال: الزعيم واحد والعبيد أنواع]

·   صناعة الوحوش تجري في المحاضرات التي يتلقاها طلاب الشرطة وفي مواقع العمل بعد التخرج. [عزت القمحاوي، عن مقال: الزعيم واحد والعبيد أنواع]

·   المثقفون -لا مؤاخذة- هم الأكثر استحقاقا للعقاب من بين فئات الخدم لتميزهم بالوعي والإصرار على ما يفعلون، بعكس صغار الضباط والبلطجية المثيرين للشفقة لاستلابهم ولتعرضهم للنبذ أيضا، بينما يملأ المثقفون ساعات الهـــــواء التليفزيونية ويحتلون المساحات المميزة في الصحف لأنهم حازوا لقب كاتب كبير، في ظل تبادل المنافع بينهم وبين النظام البائد، وأصبحت صفة «الكاتب الكبير» درجة وظيفية ينبغي على الثورة الاعتراف بها! [عزت القمحاوي، عن مقال: الزعيم واحد والعبيد أنواع]

·   والذين أنصتوا للغة المصريين واهتموا برصد سلوكهم منذ قامت الثورة يدرك أن ثمة تحولا مثيرا في ذلك السلوك تبدى فيما لا حصر له من الشواهد والوقائع، التي تبعث برسالة خلاصتها إن المصريين أدركوا أن الثورة ردت إليهم وطنهم من خاطفيه، وإنه صار وديعة يتعين عليهم أن يحتشدوا للحفاظ عليها والدفاع عنها بكل السبل. [فهمي هويدي عن مقال: هل يصبح الجيش عبئا على الثورة؟]

·   ما أريد أن أقوله إن ثورة الشعب على النظام حين استدعت المجتمع وردت إليه روحه المغيبة، فإنها أطلقت في ذات الوقت ثورة فى التوقعات. كأن الجماهير التي غيبت طويلا أصبحت متلهفة على تعويض ما فاتها وراغبة في إسراع الخطى صوب تحقيق أحلامها، وهو ما يبعث على التفاؤل والثقة لا ريب، لكنه يفتح الأبواب للقلق أيضا. [فهمي هويدي عن مقال: هل يصبح الجيش عبئا على الثورة؟]

·   عندما يكون النظام فارغا فإنه يلجأ إلى المظاهر التي تخدع الأبصار، مثل كثرة الاحتفالات وكثرة المؤتمرات والأعراس الخطابية الإعلامية التي ليس من ورائها طائل.

عندما يكون النظام فارغا فإنه يكثر من دور اللهو والمسارح والمراقص كي يشغل الناس بهذه التوافه ويبعدهم عن التفكير في الحرية والكرامة، ويبعدهم عن الكتاب والقراءة والثقافة حتى لا يستقيم فيهم التفكير

حين يكون النظام فارغا فإنه ما ينفك يثير المشاكل بين الناس ويشغلهم بالتنازع، قال تعالى: {إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا ...} كما يشغلهم بالبيروقراطية القاتلة، فالفرد المسكين يذهب لإتمام أوراقه ومطالبه من دائرة إلى دائرة أياما وشهورا، والقضية الواحدة في المحاكم تتدحرج من محكمة إلى محكمة ومن قاض إلى قاض وتمر السنوات دون حل، وتحل مشكلات دولية ولا تحل مشكلة هذا المواطن، وهكذا تذهب الأموال والأوقات والجهود.

عندما يكون النظام فارغا فإنه يخاف من كل حركة ومن كل كلمة، ولو عارضه رجل واحد في أقصى الأرض فإنه يحسب له ألف حساب وحاول إسكاته،وقد ينشط هذا النظام في محاربة شخص لا حول له ولا قوة ولا يبذل معشار ذلك في تتبع المجرمين وقطاع الطرق الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون.[محمد العبدة، مقال: الأشجار تموت واقفة]

·   إن دولة الطغاة كالشرارة التي يستفحل نارها كلما وجدت حطبا، ولكنها ستخبو لو أن الناس رجعوا عن طاعتها وأمسكوا عن خدمتها وأنكروا ما تقوم به من إفساد للإنسان والأوطان، عندئذ ستصبح هذه الدولة الاستبدادية كالشجرة اليابسة لا تصلح إلا وقودا للنار. وإنها لقيامة كبرى أن يبقى الإنسان فريسة الإنسان كما يقول شاعرنا إقبال. [محمد العبدة، مقال: الأشجار تموت واقفة]

·   سماسرة السلام المغشوش لا يمكن أن يحققوا استقراراً، لأن ما يهم هؤلاء هو ملء جيوبهم بالأموال، والحصول على دعم وحماية الذين يسمسرون لهم على حساب شعوبهم، وتعاليم دينهم وعقيدتهم، ومبادئ أمتهم الأخلاقية العريقة. [عبد الباري عطوان]

·   حجيج بنيامين نتنياهو وإيهود باراك وفؤاد بن اليعازر وتسيبي ليفني وشمعون بيريز وغيرهم إلى منتجع شرم الشيخ حيث السجاد الأحمر والاستقبال الحار، والضيافة العربية الأصيلة، هذا الحجيج سيتقلص إن لم يكن سيتوقف نهائياً، ولن تستطيع تسيبي ليفني إعلان الحرب على غزة وهي تقف إلى جانب رئيس مصر العظيمة، ولن يتباهى وزير مصري بتكسير عظام الشرفاء المحاصرين في قطاع غزة، فهذه السنّة غير الحميدة انكسرت، وربما إلى غير رجعة. [عبد الباري عطوان]

·   الزحف الوطني الديمقراطي انطلق من تونس الكرامة، وحط رحاله في ارض الكنانة، وسيقفز منها حتماً إلى محطة جديدة، ستكشف لنا الأيام أو الأسابيع المقبلة عن اسمها، وما أكثر المحطات العربية التي تتلهف على استقبال هذا الزحف المقدس. فالمثل الشعبي العربي يقول: «لقد كرّت السبحة» والأيام المقبلة أيام عزة وكرامة وتغيير انتظرته الشعوب طويلا، ألم نقل لكم؟![عبد الباري عطوان]

 

جمع وترتيب


د/ خالد سعد النجار


alnaggar66@hotmail.com

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق