الجمعة، 9 مايو 2014

- تحقيق دلالة سياسية بأساليب غير مباشرة

ومن أمثلة ذلك حادثة المرأة التي ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم قبيلتها وقاتل القبائل حولها، فعن عمران بن حصين قال: كنا في سفر مع النبي صلى الله عليه وسلم، وإنا أسرينا حتى إذا كنا في آخر الليل وقعنا وقعة ولا وقعة أحلى عند المسافر منها، فما أيقظنا إلا حر الشمس... فلما استيقظ النبي صلى الله عليه وسلم شكوا إليه الذي أصابهم، قال: «لا ضير -أو لا يضير- ارتحلوا». فارتحل، فسار غير بعيد، ثم نزل فدعا بالوضوء فتوضأ، ونودي للصلاة ف صلى بالناس، فلما انفتل من صلاته إذا هو برجل معتزل لم يصلِّ مع القوم، قال: «ما منعك يا فلان أن تصلي مع القوم؟!» قال: أصابتني جنابة.. ولا ماء. قال: «عليك بالصعيد؛ فإنه يكفيك». ثم سار النبي صلى الله عليه وسلم فاشتكى إليه الناس من العطش، فنزل فدعا فلانًا -كان يسميه أبو رجاء نسيه عوف ودعا عليًّا فقال: «اذهبا فابتغيا الماء». فانطلقا فتلقيا امرأة بين مزادتين -أو سطيحتين- من ماء على بعير لها فقالا لها: أين الماء؟ قالت: عهدي بالماء أمس هذه الساعة، ونفرنا خلوفًا. قالا لها: انطلقي إذًا. قالت: إلى أين؟ قالا: إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. قالت: الذي يقال له الصابئ؟ قالا: هو الذي تعنين، فانطلقي.
فجاءا بها إلى النبي صلى الله عليه وسلم وحدثاه الحديث. قال: فاستنزلوها عن بعيرها، ودعا النبي صلى الله عليه وسلم بإناء ففرغ فيه من أفواه المزادتين أو السطيحتين وأوكأ أفواههما وأطلق العزالِي ونودي في الناس: استقوا. فسقى من شاء، وكان آخر ذاك أن أعطى الذي أصابته الجنابة إناء من ماء قال: اذهب فأفرغه عليك. وهي قائمة تنظر إلى ما يفعل بمائها. وايم الله لقد أقلع عنها وإنه ليخيل إلينا أنها أشد ملأة منها حين ابتدأ فيها. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «اجمعوا لها» فجمعوا لها -من بين عجوة ودقيقة وسويقة- حتى جمعوا لها طعامًا فجعلوها في ثوب وحملوها ووضعوا الثوب بين يديها، قال لها: تعلمين ما رزئنا من مائك شيئًا، ولكن الله هو الذي أسقانا.. فكان المسلمون بعد ذلك يغيرون على من حولها من المشركين ولا يصيبون الصرم الذي هي منه. فقالت يومًا لقومها: ما أرى أن هؤلاء القوم يدَعونكم عمدًا، فهل لكم في الإسلام؟ فأطاعوها، فدخلوا في الإسلام.

التصور السياسي للحركة الإسلامية

الشيخ/ رفاعي سرور

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق