الجمعة، 9 مايو 2014

النظرية السياسية الجاهلية في عدائها مع الإسلام

والواقع أن للجاهلية نظريات ومذاهب واتجاهات ومدارس ونظمًا سياسية مختلفة [سواء فكرًا قوميًّا، أو وطنيًّا، أو كان مذهبًا سياسيًّا، أو ديمقراطيًّا، أو ديكتاتوريًّا، أو كان نظامًا سياسيًّا جمهوريًا، أو ملكيًا، أو رئاسيًا، أو كانت مدارس سياسية شرقية، أو غربية]، لكن ما نعنيه بالعنوان هو النظرية السياسية الجاهلية في عدائها مع الإسلام؛ لأن هذا العداء هو جوهر السياسة الجاهلية. وبهذا الاعتبار فإن هذا الاختلاف في هذه النظريات والمذاهب والاتجاهات والمدارس والنظم السياسية المختلفة يصبح أمرًا شكليًّا بالنسبة لهذا الجوهر وتعددًا سطحيًّا بالنسبة لاتجاه الهدف الأساسي والنهائي للجاهلية، وهو القضاء على الإسلام.
وللدلالة على هذه الحقيقة نَذكُر مثالًا بأقصى تناقض شكلي في إطار النظريات السياسية الجاهلية يحقق أكبر توحد في حرب الإسلام، وهذا المثال هو الديمقراطية والديكتاتورية؛ حيث يمثل أكبر تقابل في إطار النظريات الجاهلية أكبر توحد في إطار النظرية الجاهلية الواحدة.
فكلا النظريتين يمنع وجود واقع صحيح للدعوة.
فالديمقراطية.. هي أن يتكلم الجميع!
والديكتاتورية.. هي أن لا يتكلم أحد!
وهاتان النتيجتان المتقابلتان بالنسبة للدعوة يحققان نتيجة واحدة، وهي أنه لن يسمع أحدٌ لأحد، حيث لا تقوم الدعوة إلا في واقع يجد فيه من يتكلم.. أحدًا يسمعه.
وفي الديمقراطية يتبدد الفكر الصحيح في واقع الإسفاف والثرثرة، وفي الديكتاتورية يتوارى الفكر الصحيح في واقع القهر والكبت.
وفي الديمقراطية يضيع الإنسان المفكر في ظواهر الفوضى الفكرية والإعلامية، وفي الديكتاتورية يختفي الإنسان المفكر في غياهب السجون، وفي كلا النظريتين.. يغيب الإنسان المفكر، والفكر الصحيح.
وأقرب تشبيه للفرق بين الديمقراطية والديكتاتورية هو فرق اللون بين الضباب والظلام؛ حيث يكون التقابل التام في اللون الأبيض والأسود بنتيجة واحدة: وهي انعدام الرؤية.
وجوهرية النظرية السياسية الجاهلية في مواجهة الإسلام لها غاية ثابتة وهي الصد عن سبيل الله.
- منع ظهور الدين: «قتل الأنبياء والذين يأمرون بالقسط من الناس».
- منع حدوث الامتداد إذا فرض الظهور، من خلال التركيز على الزعامة -كمحاولة منع الرسول الخروج من مكة- كما قال سبحانه: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ المَاكِرِينَ} [الأنفال: 30].
- التفسير غير الحقيقي للامتداد إذا فرض هذا الامتداد، كما فسر رستم قائد الفرس خروج المسلمين للقتال بقوله: «ما أخرجكم إلا الجوع».
فإذا ظهر الدين وفرض وجوده وتحقق امتداده.. نشأت خطوط أخرى:
- منع الدين السياسي: العلمانية.
وفي منع الدين السياسي عشنا فترة تمتد على الأقل منذ حركات الإحياء القومي في أعقاب الحرب العالمية الأولى وحتى هذه اللحظة؛ حيث يدور التصور حول حقيقة واحدة، تدور وتنبع من مبدأ تقييد الدلالة السياسية للإسلام، وإبعاده بصورة أو بأخرى من الحركة السياسية ومن واقع الصراع السياسي.. قبل الحرب العالمية بدعوى العلمانية، وبعد الحرب بدعوى الاشتراكية وتقييدها للتقاليد الإسلامية.
- مقاومة السلفية ونشر البدع، للتحول بالناس إلى مرحلة «الانتساب العاطفي» الخاطئ: التصوف..
- ثم مرحلة «الاقتلاع العاطفي»: الانحلال والإدمان..
- ثم اقتلاع الجذور التاريخية..
ومثال هذه المحاولة ما يتم في بلاد العالم المنتسبة إلى الإسلام مثلا؛ حيث يتم هدم فكرة الخلافة تاريخيًّا من خلال الفكر العلماني، وتأكيد الانتساب لمرحلة ما قبل الانتساب -مثل الفرعونية في مصر- لإضعاف الانتساب الإسلامي التاريخي، وتغيير الآثار والمعالم الدالة على الانتساب الإسلامي التاريخي لهذه البلاد.
- الفصل بين الدعوة والناس بتشويه الصورة الاجتماعية للدعوة.
وإيقاع الضرر بالعامة بسبب أصحاب الدعوة مثل مقاطعة قريش لبني عبد مناف حتى يكره الناس هذه الدعوة.
وفي ثنايا خطوط الصد عن سبيل الله تبرز عدة قواعد للسياسة الجاهلية.

التصور السياسي للحركة الإسلامية
الشيخ/ رفاعي سرور

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق