الخميس، 3 أكتوبر 2013

جرذان العرب


وقف الطاغية الليبي البائد (معمر القذافي) إبان انتفاضة شعبه العظيم عليه .. وقف يخطب من برجه المحصن، ويهتف بالشعب الليبي أن يخرج في حشود ليدمر «الجرذان» بحد وصفه لشجعان ليبيا، الذين هبوا في بسالة منقطعة النظير ووقفوا في وجه صلفه وجبروته.
وفي رأيي أن وصف الجرذان إنما هو صوت داخلي نابع من ذات معمر نفسه، حيث يشعر في قراره ضميره أنه هو «الجرذ الأكبر» والجبان الأعظم الذي يحسب كل صيحة عليه، ولا يتحرك إلا في حراسة نسائه الأربع الفاتنات الذين اختيروا له بعناية بالغة.
بل إن هذا الوصف -بتقديري- يناسب، ويعبر عن كافة زعمائنا العرب!!
وكي لا نتبادل الشتائم والتجريحات بيننا وبين الآخرين الموالين، دعونا نعرض الأمر على الوقائع والأحداث التي هي أصدق من الطنطنات الكلامية والسجالات الحوارية.
فأنا أكتب هذه الأسطر -يا سادة- والقنوات الإخبارية لا تتوقف عن عرض المجازر التي يوقعها نظام بشار الأسد بحق الشعب السوري الأبي .. أكثر من أربعة آلاف سقطوا حتى الساعة وعشرات الآلاف من الجرحى، والشهداء تتساقط يوميا، والجرحى لا يتم إسعافهم بأوامر من النظام، والأطفال تصرخ، والنساء تولول، ونظام الأسد يضرب في الشعب الأعزل بالقاذفات الثقيلة التي طالت حتى المآذن.
فأين زعماء العرب؟! ... انزووا كالجرذان في (قصورهم/جحورهم).
أين أصحاب الجلالة والفخامة والسمو .. أصحاب الخطب الحماسية والجامعة العربية ومجالس التعاون الخليجية والجيوش المغوارة .. {هَلْ تُحِسُّ مِنْهُم مِّنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً}.
أين ملك السعودية، وأمير الإمارات والكويت، وسلطان عمان، وملك الأردن والمغرب .. هربوا كالجرذان في (قصورهم/جحورهم) .. إنهم على حد زعمهم لا يتدخلون في الشئون الداخلية للدول، ولكن عن أي دول يتحدثون .. ألم يعلمونا في المدارس، ويخطبون في كل المؤتمرات العربية، أننا جسد واحد ودين واحد ولغة واحدة ومصير واحد .. وأن هذه التقسيمات القطرية مصطنعة من قبل استعمار سايكس بيكو.
لقد شاءت عناية الحكيم الجبار أن يثبت حقيقة هذه الجرذان، فمعمر القذافي نفسه انتهت حياته في ماسورة مجاري كالتي تقطنها الجرذان .. كان مختبئا فيها كالجرذ الأجرب، وكانت آخر من شهد حتفه بجوارها، بعيد عن قصره وحارساته.
أما فرعون مصر فاختارت له العزة الإلهية أن يدخل قفص المجرمين .. قفص بشع، أشبه بمصيدة الجرذان التي كانت تستعملها جدتي في صيد هذه الحيوانات المزعجة.
وطاغية تونس -الذي ملأ الأعين والأسماع- ها هو يعاني مرارة الشعور بأنه جرذ حقير منبوذ، مختبئ في أحد (قصور/جحور) السعودية، لا يستطيع أن يخرج منه، ولا أن يسير حتى في الشارع كما يسير أبسط الناس .. يا إلهي، تصورا أن المشي في الشارع باطمئنان نعمة يشتهيها (زعماء/جرذان) العرب، لكنهم لا يستطيعون، ويعوضون هذا النوع من الحرمان الغريب بتصفيق المنافقين وتقبيل الأيدي من المتملقين ومدح المتزلفين.
هل أبانت الأحداث -يا قوم- عن الجرذان الحقيقيين؟
هل أماطت اللثام محنة غزة وسوريا واليمن عن الوجوه الحقيقة للجرذان.
هل تكشفت النوايا الخفية للتجهيزات الجبارة للجيوش العربية، وأنها لحماية العروش والكروش، وليست لحماية البيضة وتحرير الأرض المغتصبة.
يا ملك السعودية .. أين قلادة الملك عبد العزيز التي وهبتها لأعداء الأمة، فأهل الصومال في أشد الحاجة لأثمانها كي يشتروا رغيف خبز.
يا أمير سلمان بن عبد العزيز .. أين السيف الذي راقصت به بوش، فجموع الثكلى السوريين في أشد الحاجة إليه.
يا أمير الكويت .. أين الجائزة التي منحتها للفنانة نانسي عجرم.
يا أمير الأمارات .. هل وجدت من يسكن في برج خليفة -أعلى برج في العالم- الذي بنيته بأموال الأمة المكلومة، وكنا في غنى عنه.
يا ملك المغرب .. أين قراراتك الجريئة كمثل القرار بوقف تقبيل يدك من كبار رجال الدولة.
يا إمام الحرم .. أين دعواتك الحارة التي عودتنا أن تختمها بالدعاء للمليك المفدى وولي عهده الأمين، وأن يرزقه الله البطانة الصالحة.
آآآآآه .. الجرح كبير يا (جرذان/ زعماء) العرب.
ضيعتمونا تربويا واقتصاديا وصحيا وأمنيا .. ثم انزويتم كالجرذان، فلا صرنا نسمع لكم خطبكم الحماسية، ولا نرى انجازاتكم الوهمية.
قد أبانت الحقيقة عن أم رأسها وفلذة كبدها.. فصرخات المجروحين أفزعتكم وأظهرت حجمكم الحقيقي فأفزعكم الواقع وهربتم يا جرذان العصر.

د/ خالد سعد النجار

طبيب وكاتب مصري
alnaggar66@hotmail.com
  

   

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق