والإشاعة عنصر أساسي تعالج به الجاهلية مواقفها
السياسية؛ ففي حكم
عبد الناصر بعد ضربه للإخوان المسلمين خرجت همسات بين الناس تقول: ما له يقتل المسلمين ويترك النصارى؟! وكان عبد الناصر لا يستطيع أن يمس نصرانيًّا، بل كان مساندًا لهم، حيث بُنِيَت في زمنه كاتدرائية العباسية، وتبرع لها من أموال الدولة بالمال الكثير، وكانت له مواقف تحيز فيها للنصارى في بلاد كثيرة وليس في مصر فقط، فتحيز للأسقف مكاريوس ضد تركيا في نزاع جزيرة قبرص، وتحيز للإمبراطور هيلاسلاسي في الحبشة ضد مسلمي الحبشة.
عبد الناصر بعد ضربه للإخوان المسلمين خرجت همسات بين الناس تقول: ما له يقتل المسلمين ويترك النصارى؟! وكان عبد الناصر لا يستطيع أن يمس نصرانيًّا، بل كان مساندًا لهم، حيث بُنِيَت في زمنه كاتدرائية العباسية، وتبرع لها من أموال الدولة بالمال الكثير، وكانت له مواقف تحيز فيها للنصارى في بلاد كثيرة وليس في مصر فقط، فتحيز للأسقف مكاريوس ضد تركيا في نزاع جزيرة قبرص، وتحيز للإمبراطور هيلاسلاسي في الحبشة ضد مسلمي الحبشة.
ولما كان عاجزًا عن ضرب النصارى في مصر كما ضرب
المسلمين.. أشاع خبرا كاذبًا مفاده: (أن القساوسة اجتمعوا ليطالبوا عبد الناصر
ببعض مطالبهم فأظهر الموافقة على مقابلتهم، فركبوا جميعًا القطار ليسافروا إليه
ويقابلوه، ففجّر بهم القطار).. فهدأت خواطر الناس بالخداع والكذب.
ويماثل نشر الإشاعات في معالجة المواقف السياسية
الجاهلية.. نشر المفاهيم الخاطئة.. ومثال ذلك:
-
إشاعة أن السادات هو الذي أعطى الفرصة للحركة الإسلامية..
وهذا
أمر غير صحيح، لأن الحركة الإسلامية «المرحلة الثانية» بدأت في عهد عبد الناصر
وظلت في سرية، ولم يكتشفها أحد حتى حادثة الفنية العسكرية عام 1974.
وحتى
حادثة الفنية ذاتها.. لم تكشف غير بعض جوانب الواقع السري للحركة..
ولكن
الذي حدث.. أن السادات أراد ضرب الشيوعيين في الجامعات، فأتاح الفرصة للنشاط الذي
كان قائمًا وموجودًا بالفعل، وكان نشاطا علنيًّا مختلفًا عن النشاط السري للحركة
التي يزعمون أن السادات هو الذي أوجدها..
-
إشاعة أن أمريكا هي التي ساعدت المجاهدين في أفغانستان في حربها ضد الروس..
والصواب:
أن الجهاد ضد الروس وعملائهم الشيوعيين كان موجودًا قبل الاحتلال، وبمجرد دخول
القوات السوفييتية لدعم الحكومة الشيوعية العميلة المنهارة.. اشتعلت الأرض تحت
أقدامهم، ودخل المجاهدون من باكستان على الخط، ولم يكن هناك أي دور لأمريكا أو
غيرها، لكن أمريكا أرادت التغلغل في الجهاد الأفغاني للسيطرة عليه والتحكم فيه،
فأوعزت لمخابرات الأنظمة العميلة لها بالسماح لجمع التبرعات وإرسال المجاهدين
العرب إلى أفغانستان مع مراقبة الأحداث، واستطاعت أمريكا زرع العديد من عملائها،
الذين تمكنت من خلالهم فيما بعد من شق صفوف المجاهدين بعد اندحار السوفييت، ووصل
الأمر إلى تدمير مخازن سلاح المجاهدين الذي تم شراؤه بأموال المسلمين، ثم اغتيال
الشهيد -بإذن الله- عبد الله عزام، والرئيس الباكستاني ضياء الحق..
-
إشاعة أن أمريكا هي التي قتلت السادات..
والصواب:
أن السادات هو الذي قتل نفسه بتطاوله على الشريعة والرموز الإسلامية علانية وبوقاحة
غير معهودة، فاجأت حتى المقربين منه، مما استفز الشعور العام، وكان اعتقال محمد الإسلامبولي
شقيق خالد الضابط بالقوات المشتركة في العرض هو السبب الرئيسي للتفكير في اغتياله،
ونجاح هذه العملية.. وأما ادعاء أنه تم التغاضي عن مرور منفذي العملية بأسلحتهم،
فهذا كذب صريح، ولكن الواقع أن الضابط المسئول عن طابور العرض كان قد مرض مرضًا
مفاجئًا، فتم تعيين بديل له، لم يتمكن من تفتيش العربات واحدة واحدة.. واضطر
لتفتيش واحدة وترك الأخرى عشوائيًا، وقدر الله أن تكون عربة منفذي الاغتيال ضمن
العربات التي لم تفتش «عشوائيًا».
-
إشاعة أن أمريكا هي التي صنعت أحداث الحادي عشر من سبتمبر..
وقد
أثبتت الوثائق التي أفرجت عنها القاعدة أن الأحداث من تخطيطها وتنفيذها، وضحوا
بأهم اثنين من عناصرهم لتأكيد تلك المعلومات..
-
إشاعة أن العداء الأمريكي والغربي للإسلام بدأ بعد أحداث سبتمبر..
والصواب: أن العداء الأمريكي للإسلام
بدأ منذ نشأة أمريكا كدولة، حيث حمله إليها قادة الهجرة الأنجلوساكسون، وليس أدل
على ذلك من جلب المسلمين من غرب أفريقيا واستعبادهم، وبدخول أمريكا في المعترك
السياسي العالمي في الحرب العالمية الثانية، جاء دورها لاستلام تركة أوربا
المنهارة المتمثلة في أقطار العالم الإسلامي بكل ما تحتويه من ثروات طبيعية وخصائص
إستراتيجية!
التصور السياسي للحركة الإسلامية
الشيخ/ رفاعي سرور
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق